صفحة رقم ١٦
ولما كان السياق هنا للتعرف بأنه مكن لبينا في الجنة أعظم من تمكينه لنا في الرض بأن حباه فيها رغد العيش مقارناً لوجوده، ثم حسن في قوله :( فكلا ( العطف بالفاء الدال على أن المأكول كان مع الإسكان لم يتاخر عنه ولا منافاة بينه وبين التعبير بالواو في البقرة لأن مفهوم الفاء نوع داخل تحت مفهوم الواو ولا منافاة بين التعبير بالواو في البقرة لأن مفهوم الفاء نوع داخل تحت مفهمو الواو ولا منافاة بين النوع والجنس وقوله :( من حيث شئتما ( بمعنى رغداً أي واسعاً فإنه يدل على إباحة الأكل من كل شيء فيها غير المنهي عنه واما آية البقرة فتدل على إباحة الكل منها في أي مكان كان وهذا السياق إلى آخره مشير إلى أن من خالف أمره تعالى ثل عرشه وهدم عزه وإن كان في غاية المكنة ونهاية القوة كما أخرج من أعظم له المكنة بإسجاد ملائكته وإسكان جنته وإباحة كل ما فيها غير شجرة واحده ؛ أكد تحريمها بالنهي عن قربانها دون الاكتفاء بالنهي عن غشيانها فقال :( ولا تقربا ( اي فضلاً عن أن تتناولا من حام حول الحمى أوشك أن يواقعه فقال :( فتكونا ( أيبسبب قربها ) من الظالمين ) أي بالأكل منها الذي هو مقصود النهي فتكونا بذلك فاعلين فعل من يمشي في الظلام ثم سبب عن ذلك بيان حال الحاسد مع المحسودين فيما سأل الإنظار بسببه وأنه وقع على كثير من مراده واستغوى منه امماً تجاوزوا الحد وقصر عنهم مدى العد ؛ ثم بين أنه أقل من أن يكون فعل وأن الكل بيده سبحانه هو الذي جعله ىلة لمراده منه ومنهم وأن من يهد الله فهو المهتدي ومن يضلل فأولئك هم الخاسرون فقال ) فوسوس ) أي القى في خفاء وتزيين وتكرير واشتهاء ) لهما ما روي ) أي ستر وغطى بان جعل كانه وراءهما لا يلتفتان إايه ) عنهما ( والبناء للمفعول إشارة إلى أن الستر بشء لا كلفة عليهما فيه كما ياتي في قوله
٧٧ ( ) ينزع عنهما لباسهما ( ) ٧
[ الأعراف : ٢٧ ] ) ومن سوأتهما ) أي المواضع التي يسوءهما انكشافها وفي ذلك أن إظهار السوءة موجب للعبد من الجنة وأن بينهما منفية الجمع وكمال التباين.
ولما أخبر بالوسوسة وطوى مضمونها مفهماً أنه أمر كبير وخداع طويل عطف عليه قوله :( وقال ( اي في وسوسته أيضاً أي زين لهما ما حدث بسببه في خواطرهاهما هذا القول :( ما نهاكما ( وذكرهما بوصف الإحسان تذكيراً بإكرامه لهما تجزئة لهما على نا يريد منهما فقال :( ربكما ) أي المحسن إليكما بما تعرفانه من انواع إحسانه ) عن ) أي ما جعل نهايتكما في الإباحة للجنة متجاوزة عن ) هذه الشجرة ( جمع بين الإشارة