صفحة رقم ١٩٠
أولئك، فعلى هذا لما ضمنت سورة الأعرافمن قصصهم جملة، وبين فيها اعتداءهم، وبناه على اتباع الأهواء والهجوم على الأغراض، طلب هؤلاء باتقاء ذلك والبعد عما يشبهه جملة، فقيل في آخر السورة
٧٧ ( ) إن الذين اتقوا إذا مسهم طائف من الشياطين تذكروا ( ) ٧
[ الأعراف : ٢٠١ ] ثم افتتحت السورة الأخرى بصرفهم عما لهم به تعلق وإليه تشيت يقيم عذرهم شرعاً فيما كان منهم، فكان قد قيل لهم : ترك هذا أعلم وأبعد عن اتباع الأهواء، فسلموا في ذلك الحكم لله ورسوله واتقوا الله، ثم تناسج السياق والتحمت الآي، وقد تبين وجه اتصال الأنفال بالأعراف من وجوه، والحمد لله - انتهى.
ولما أخبر تعالى بما هو الحق من أن إرادتهم بل ودادتهم إنما كانت منصبة إلى العير لا إلى النفير، تبين أنه لا صنع لهم فيما وقع إذ لو كان لكان على ما أرادوا، فلا حظ لهم في الغنيمة إلا ما تقسمه الله لهم لأن الحكم لمراده لا لمراد غيره، فقال تعالى عاطفاً على ) وتودون ( :( ويريد الله ) أي بما من العز والعظمة والعلم ) أن يحق الحق ( اي يثبت في عالم الشهادة الثابت عنده في عالم الغيب، وهو هنا إصابة ذات الشوكة ) بكلماته ) أي التي أوحاها إلى نبيه ( ﷺ ) أنهم يهزمون ويقتلون ويؤسرون، وأن هذا مصرع فلان وهذا مصرع فلان، ليعلي دينه ويظهر أمره على كل أمر ) ويقطع دابر ) أي آخر ) الكافرين ) أي كما يقطع أولهم، اي يستأصلهم بحيث لا يبقى منهم أحد ليكون ما وعدكم به من إعلاء الدين وقمع المفسدين بقطع دابرهم ) ليحق الحق ( ي الذي هو دينه القيم وفيه فوز الدارين ) ويبطل الباطل ( وهو كل ما خالفه ) ولو كره ) أي ذلك ) المجرمون ( اي الذين يقطعون ما أمر الله به أن يوصل ويكسر قوتهم بضعفكم ويفني كثرتهم بقلتكم ويمحق عزهم بذلتكم فيظهر علو أمره ويخضع الأعناق لذكره ) إذ ( ظرف ) ليحق الحق ( ) تستغثون ربكم ) أي تطلبون إغاثة المحسن إليكم، وهو بدل من ) إذ يعدكم ( فهو من البيان لكرامتهم لقاء ذات الشوكة بشدة جزعهم الموجب لهم الاستغاثة مع إسفار العاقبة عن أن الخير فيما كرهوه، وأنه أحق الحق وأظهر الدين وأوهن أمر المشركين ولما أسرع سبحانه الإجابة، دل على ذلك بقوله :( فاستجاب ( اي فأوجد الإجابة إيجاد من هو طالب لها شديد الرغبة فيها ) لكم ( بغاية ما تريدون تثبيتاً لقلوبكم ) إني ) أي بأني ) ممدكم ( اي موجد المدد ( لكم ) اي بإمدادكم، ولعله حول العبارة لما في التصريح بضميره من العظمة والبركة ) بألف من الملائكة ( حال كونهم ) مردفين ) أي متبعين بأمثالهم.