صفحة رقم ١٩٣
أن المشركين سبقوا إلى الماء وغلبوا عليه، وليس كذلك بل الذي سبق إلى بدر وغلب على مائها المؤمنون كما ثبت في صحيح مسلم وغيره، فيكون شرح القصة أنم مطروا في المنزل الذي ساروا منه إلى بدر فحصل للمسلمين منه ما ملؤوا منه اسقيتهم فتطهروا من حدث أو جنانهة ولبد لهم الرمل ذلك سبباً لسبق المسلمين لهم إلى المنزل وتمكينهم من بناء الحياض وتغور ما وراء الماء الذي نزلوا عليه من القلب كما هو مشهور في السير، ويكون رجز الشيطان وسوسته لهم بالقلة والضعف والتخويف بكثرة العدو، والربط على القلوب طمأنينتهم وطيب نفوسهم بما أراهم من الكرامة كما يوضح ذلك جميعية قول ابن هشام ) وينزل عليكم من السماء ( ماء للمطر الذي أصابهم تلك الليلة، فحبس المشركين أن يسبقوا إلى الماء وخلى سبيل المؤمنين إليه ) ليطهركم به ) أي من كل درن، وابتدأ من فوائد الماء بالتطهير لأنه المقرب من صفات الملائكة المقربين من حضرات القدس وعطف عليه - بقوله :( ويذهب عنكم ) أي لا عن غيركم ) رجز الشيطان ( بغير لام ما هو لازم له، وهو العبد الذي كان مع الحدث الذي منه الجنابة المقربة من الخبائث الشيطانية بضيق الصدر والشك والخوف لإبعاد من الحضرات اللائكة ( لا تدخل الملائكة بيتاً فيه جنب ) والرجز يطلق على القذر وعبادة الأوثان والعذاب والشرك، فقد كان الشيطان وسوس لهم، ولا شك أن وسوسته من اعظم القذر فإنها تجر من تمادى معها غلى كل ما ذكر ؛ ثم عطف عليه ما تهيأ له القلب من الحكم الإلهية وهو إفراغ السكينة فقال :( وليربط ) أي بالصبر واليقين ولما كان ذلك ربطاً محكماً غالباً عالياً، عبر فيه بأداة الاستعلاء فقال :( على قلوبكم ) أي بعد إسكانها الوثوق بلطفه عند كل ملمة حتى امتلأت من كل خير وثبت فيها الربط، فشبهها بجراب ملئ شيئاً ثم ربط رأسه حتى لا يخرج من ذلك الذي فيه شيء، وأعاد اللام إشارة إلى أنه المقصد الأعظم وما قبله وسيلة غليه وعطف عليه بغير لام لازمه من التثبيت فقال :( ويثبت به ) أي بالربط بالمطر ) الأقدام ) أي لعدم الخوف فإن الخائف لا تثبت قدمه في المكان الذي يقف به، بل تصير رجله تنتقل من غير اختيار أو بتلبيد الرمل ولما ذكر حكمه الإمداد وما تبعه من الآثار المثبتة للقلوب والإقدام، ذكر ما أمربه المدد من التثبيت بالقول والفعل فقال :( إذ ( بدلاً ثالثاً من ) إذ يعدكم ( أو ظرفاً ليثبت ) يوحي ربك ) أي المحسن إليك بجميع ذلك ) إلى الملائكة ( وبين النصر منه لا من المدد بقوله :( أني معكم ) أي ومن كنت معه كان ظافراً بجميع مأموله ) فثبتوا ( اي


الصفحة التالية
Icon