صفحة رقم ٢٠٨
تذكيراً بما يلزم بادعائه ) إن تتقوا الله ( بإصلاح ذات بينكم، وذلك جامع لأمر الدين كله ) يجعل لكم فرقاناً ) أي نصراً، لأن مادة ( فرق ) ترجع إلى الفصل، فكأن الشيء إذا كان متصلاً كان كل جزء منه مقهوراً على ملازمة صاحبه، فإذا جعل له قوة الفرق قدر على الاتصال والانفصال، فحقيقة : يجعل لكم عزاً تصيرون به بحيث تفترون ممن اردتم متى اردتم وتتصلون بمن أرتم متى أردتم لما عندكم من عزة الممانعة، وتفرقون بين من أردتم متى أردتم لما لديكم من قوة المدافعة، اي يجعل لكم ما يصير لكم به قوة التصرف فيما تريدون من الفصل والوصل الذي هو وظيفة السادة المرجوع إلى قولهم عند التنازع، لا كما كنتم في مكة، لا تأمنون في المقام ولا تقدرون على الكلام - فضلاً عن الخصام - إلا على تهيب شديد، ومع ذلك فلا يؤثر كلامكم اضراً يسمى به فارقاً والفاروق من الناس الذي يفرق بين الأمور ويفصلها، وبه سمي عمر رضي الله عنه لأنه أظهر الإسلام بمكة إظهاراً فيه عز وقوة، جعل فيه الإيمان مفارقاً للكفر لا يخافه، وفرق - بالكسر بمعنى خاف - يرجع إلى ما دارت عليه المادة، فإن المراد به : تفرقت همومه من اتساع الخوف، والفرق الذي هو المكيال الكبير كأنه هو الفارق بين الغني والفقير، قال الهروي : هو اثنا عشر مداً : وأفرق من علته - إذا برئ، اي صارت له حالة فرقت بين صحته ومرضه الذي كان به، ومنه الفريقه وهي تمر وحلبة يطبخ للنفساء ؛ وقرفت الشيء - بتقديم القاف : قشرته، والقرف : الخلط، كأنه من الإزالة، لأنهم قالوا : إن ( فعل ) يدخل في كل باب، ومنه : قرف الشيء واقترافه : اكتسبه، والاقتراب بمعنى الجماع، ويمكن أن يرجع إلى الوعاء لأن القرف الوعاء، لأنه يفصل مظروفه عن غيره، وفلان قرفني، اي موضع ظني منه كأنه صار وعاء لذلك، وفرس مقرف، أي بيّن القرفة، أي هجين لأنه واضح التميز من العربي، وقرف بسوء : رمى به، أي جعل وعاء له أو فرق همومه ؛ والقفر - بتقديم القاف : المكان الخالي لانفصاله من الناس، وأقفر المكان : خلا، وأقفر الرجل من أهله : انفرد عنهم، وقفر الطعام : خلا من الأدم، ورجل قفر الرأس : لا شعر عليه لانفصاله عنه، وقفر الجسد : لا لحم عليه، والقفار : الطعام لا أدم له، وافتقرت الأثر : حفرتها حفراً، فصارت كل واحدة منفصلة من الأخرى، والفاقرة : الداهية الكاسرة للفقار، ومنه الفقر والافتقار للحاجة، وأفقرني دابته : أعارني ظهرها، وراميته من أدنى فقرة : من أدنى معلم لأن المعالم منفصل بعضها عن بعض، والتفقر في رجل الدابة بياض لا نفصاله عن بقية لونها، ورفقت بالأمر : لطفت به، ولا