صفحة رقم ٢١٢
الآية والتي قبلها في النصر بن الحارث اسره المقداد يوم بدر فأمرالنبي ( ﷺ ) بقتله فقال المقداد : أسيري يا رسول الله فقال :( إنه كان يقول في كتاب الله تعالى ما يقول )، فعاد المقداد رضي الله عنه لقوله، فقال النبي ( ﷺ ) :( اللهم أغن المقداد من فضلك )، فقال : ذاك الذي أردت يا رسول الله فقتله النبي ( ﷺ ) فأنشد أخته قتيله أبياتاً منها :
ما كان ضرك لو مننت وربما منّ الفتى وهو المغيط المخنق
فقال النبي ( ﷺ ) :( لو بلغني هذا الشعر قبل قتله لمننت عليه ).
وعن معاوية رضي الله عنه أنه قال لرجل من سبأ : ما أجهل قومك حين ملكوا عليهم امرأة قال : أجهل من قومي قومك قالوا
٧٧ ( ) إن كان هذا هو الحق من عند ( ) ٧
[ الأنفال : ٣٢ ] وما قالوا : فاهدنا به، والسر الذي بينه في هذه الآية في أمهالهم هو أنه ما منعه من الإسراع في إجابة دعائهم كما فعل في وقعة بدر إلا إجلال مقامه ( ﷺ ) بين أظهرهم فقال :( وما كان الله ) أي مع ما له من صفات الكمال والعظمة والجلال، وأكد النفي بقوله :( ليعذبهم ) أي ليجدد لهم ذلك في وقت من الأوقات ) وأنت ) أي يا أكرم الخلق ) فيهم ( فإنه لعين
تجازي ألف عين وتكرم
) وما كان الله ) أي الذي له الكمال كله ) معذبهم ) أي مثبتاً وصف تعذيبهم بحيث يدوم ) وهم يستغفرون ) أي يطلبون الغفران بالدعاء أو يوجدون هذا اللفظ فيقولون : أستفغر الله، فإن لفظه وإن كان خبراً فهو دعاء وطلب، فوجوده ( ﷺ ) في قوم أبلغ من نفي العذاب عنهم، وهذا الكلام ندب لهم إلى الاستغفار وتعليم لما يدفع العذاب عنهم كما تقول : ماكنت لأضربك وأنت تطيعني، أي فاطيعني - نبه عليه الإمام أبو جعفر لبنحاس، وفي ذلك حث عظيم لمن صار ( ﷺ ) بين أظهرهم من المسلمين صادقهم ومنافقهم على الرغبة في مواصلته والرهبة من مفارقته، وتعريف لهم بما لهم في حلول ذاته المشرقه في ساحتهم من جليل النعمة ترغيباً في المحبة لطول عمره والاستمساك بعزره في نهيه وأمره إذ لمره - والله أعلم - بالاستغفار طلب المغفرة بشرطه من الإيمان والطاعة، وعن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه أنه كان في هذه الأمة أمانان، أما النبي ( ﷺ ) فقد مضى، وأما الاستغفار فهو كائن فيكم إلى يو القيامه ولما كان هذا ليس نصاً في استحقاقهم العذاب، قال تعالى عاطفاً على ما تقديره :