صفحة رقم ٢١٧
ويخضعوا لأوامره ) يغفر لهم ( بناه للمفعول لأن النافع نفس الغفران وهو محو الذنب ) ما قد سلف ( اي مما اجتراه كائناً ما كان فيمحي عيناً وأثراً فلا عقاب عليه ولا عتاب ) وإن ( اي وإن يثبتوا على كفرهم و ) يعودوا ( إي المغالبة ) فقد مضت سنة ) أي طريقة ) الأولين ) أي وجدت وانقضت ونفذت فلا مرد لها بدليل ما سمع من أخبار الماضين وشوهد من حال أهل بدر مما أوجب القطع بأن الله مع المؤمنين وعلى الكافرين، ومن كان معه نصر، ومن كان عليه خذل وأخذ وقسر
٧٧ ( ) كتب الله لأغلبن أنا ورسلي ( ) ٧
[ المجادلة : ٢١ ]
٧٧ ( ) و لينصرن الله من ينصره ( ) ٧
[ الحج : ٤٠ ]
٧٧ ( ) والعاقبة للمتقين ( ) ٧
[ القصص : ١٢٨ ] وإن كانت الحرب سجالاً.
ولما أشار ختم الآية قتالهم إن أصروا، وكان التقدير فأقدموا عليهم حيثما عادوكم إقدام الليوث الجريئة غير هائبين كثرتهم ولا قوتهم فإن الله خاذلهم، عطف عليه قوله مصرحاً بالمقصود :( وقاتلوهم ) أي دائماً ) حتى لا تكون فتنة ) أي سبب يوجب ميلاً عن الدين أصلاً ) ويكون الدين ( ولما كانت هذه الوقعة قد سرت كتائب هيبتها في القلوب فوجبت ايما وجبت، فضاقت وضعفت صدور الكافرين، وانشرحت وقويت قلوب المؤمنين ؛ اقتضى هذا السياق التأكد فقال، ) كله لله ( اي الملك الأعظم خالصاً غير مشوب بنوع خوف أو إعضاء على قذى، وأصل الفتن : الخلصة المحلية، ويلزم ذلك أن يكون السبب عظيماً لأن الشيء لا يحول عن حاله إلا لأمرعظيم لأن مخالفة المألوف عسرة، ومنه النتف، وكذا نفت القدر، وهو أن يغلي المرق فليزق بجوانبها، والتنوفه : القفر، لأنه موضع ذلك، ويلزمه الإخلاص، من فتنت اذهب - إذا اذبته فتميز جيده من رديئه، وتارة يكون الميل إلى جهة الردئ وهو الأغلب، وتارة إلى الجيد، ومنه
٧٧ ( ) وفتناك فتوناً ( ) ٧
[ طه : ٤٠ ] ولما كان لهم حال اللقاء حالان : إسلام وإقبال، وكفر وإعراض وإخلال، قال مبيناً لحكم القسمين :( فإن انتهوا ) أي عن قتالكم بالمواجهة بالأسلام فاقبلوا منهم وانتهوا عن مسهم بسوء ولا تقولوا : أنتم متعوذون بذلك غير مخلصين، تمسكاً بالتأكيد بكله، فأنه ليس عليكم إلا ردهم عن المخالفة الظاهرة، وأما الباطن فإلى الله ) فإن الله ( اي المحيط علماً وقدرة، وقدم المجرور اهتماماً به إفهاماً لأن العلم به كالمختص به فقال :( بما يعملون ) أي وإن دقَّ ) بصير ( فيجاريهم عليه، وأما أنتم فلستم عالمين بالظاهر والباطن معاً فعليكم قول الظاهر، والله بما تعلمون أنتم أيضاً - من كف عنهم وقتل لله أو لحظّ نفس - بصير، فيجازيكم على حائق الأمور وبواطنها وإن أظهرتم للناس