صفحة رقم ٢٢٠
ولما كان انعكاس الأمر في النصر محل عجب، ختم الآية بقوله :( والله على كل شيء ) أي من نصر القليل على الكثير وعكسه وغير ذلك مت جميع الأمور ) قدير ( فكان ختمها بذلم كاغشفاً للسر ومزيلاً للعجب ومبنياً أن ما فعل هو الجاري على سنن سنته المطرد في قديم عادته عند من يعلم ايامه الماضية في جميع الأعصر الخالية ولما ذكر لهم يو ملتقاهم، صور لهم حالتهم الموضحه للأمر المبينة لما كانوا فيه من اعترافهم بالعجز تذكيراً لهم بذلك ردعاً عن المنازعة ورداً إلى المطاوعة فقال مبدلاً من ) يوم الفرقان ( ) إذ أنتم ( نزول ) بالعدوة الدنيا ( اي القربى إلى المدينة ) وهم ( اي المشركون نزول ) بالعدوة القصوى ) أي البعدى منها القريبة إلى البحر، والقياس قلب واوه ياء، وقد جاء كذلك إلا أن هذا أكثر كما كثر استوصب وقلّ استصاب، والعدوة - بالكسر في قراءة ابن كثير وأبي عمرو ويعقوب، وبالضم في قراءة غيرهم : جانب الوادي وشطه، ومادتها - بأي ترتيب كان - تدور على الاضطراب ويلزمه المجاورة والسكون والإقبال والرجوع والاستباق والمحل القابل لذلك، فكأنها الموضع الذي علا عن محل فكان السيل موضعاً للعدو ) والركب ) أي العير الذي فيه المتجر الذي خرجتم لاقتطاعه ورئيس جماعته أبو سفيان، ونصب على الظرف قوله :( اسفل منكم ( اي أيها الجمعان إلى جانب البحر على مدى من قرية تكادون تقعون عليه وتمدون أيديكم إليه مسافة ثلاثة أميال - كما قال البغوي، وهوكان قصدهم وسؤلكم، فلو كانت لكم قوة على طرقه لبادرتم إلى الطرف وغالبتم عليه الحتف، ولكن منعكم من إدراك مأمولكم منه من كان جاثماً بتلك العدوة جثوم الأسد واثقاً بما هو فيه من القوى والعدد كما قال ( ﷺ ) لسلمة بن سلامة بن وقش رضي الله عنه - لما قال في تحقيرهم بعد قتلهم وتدميرهم : إن وجدنا إلا عجائز صلعاً، ماهو إلا أن لقيناهم فمنحونا اكتافهم - جواباً له ( أولئك يا ابن أخي الملأ لو رأيتم لهبتهم ولو أمروك لأطعتهم ) مع استضعافهم لأنفسهم عن مقاومتهمك لولا رسولنا يبشركم زجنزدنا تثبتكم، وإلى مثل هذه المعاني أشار تصوير مكانهم ومكان الركب إيماء إلى ما كان فيه العدو من قوة الشوكة وتكامل العدة وتمهد أسباب الغلبة وضعف حال المسلمين وأن ظفرهم في مثل هذا الحال ليس إلا صنعاً من الله، وما في البيضاوي تبعاً للكشاف من أن العدوة الدنيا كانت تسوخ فيها