صفحة رقم ٢٣٥
حَسْبَكَ اللَّهُ هُوَ الَّذِي أَيَّدَكَ بِنَصْرِهِ وَبِالْمُؤْمِنِينَ وَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ لَوْ أَنفَقْتَ مَا فِي الأَرْضِ جَمِيعاً مَّآ أَلَّفَتْ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ إِنَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ ) ٧٣
( ) ٧١
ولما أمره بما يفعل تحقق نقضه، أرشده إلى ما يفعل خاف غدره فقال :( وإما تخافن ( وأكده إشارة ظهور القرائن ووضوح الأمارت ) من قوم ) أي ذوي قوة، بينك وبينهم عهد ) خيانة ) أي في ذلك العهد ) فانبذ ) أي اطرح طرح مستهين محتقر ) إليهم ( اي ذلك العهد نبذاً كائناً ) على سواء ) أي أمر مستو في العلم بزواله بينكم وبينهم وعدل ونصفه ولا تناجزوهم وهم على توهم من بقاء العهد، وهذا إشارة إلى يكونوا على غاية الحدذر والفحص عن أخبار العدو بيحيث لا يتركونه إلى أن ينقض ثم يعملون ميله إلى النقض فينبذون إليه عهده لأن ذلك أردع له، فهو أدعى إلى السلم ؛ ثم علل جواز النبذ ووجوب النصفة بقوله :( إن الله ) أي الذي له صفات الكمال ) لا يحب الخائنين ) أي لا يفعل بهم فعل المحب لا منكم ولا من غيركم.
ولما كان بنذ العهد مظنة الخوف من تكثير العدو وإيقاظه، وكان الإيقاع أولى بالخوف، أتبع سبحانه ذلك ما يجري عليه ويسلي عن فوت من هرب من الكفار في غزوة بدر فلم يقتل ولم يؤسر فقال :( ولا يحسبن ( بالياء غيباً على قراءة الباقين بالخطاب أن أمر الرئيس ونهبه أوقع في نفوس الأتباع وأدعى لهم إلى السماع ) الذين كفروا ( اي عامة من نبذ ومن لم ينبذ ) سبقوا ) أي وقع لهم السبق، وهو الظفر في وقت ما، فإنهم لم يفوتوا شيئاً من أوامرنا ؛ ثم علل ذلك بقوله :( إنهم لا يعجزون ( اي لا يفوتون شيئاً مما يزيد تسليطه عليهم، أي لا يغرنك علوهم وكثرتهم وجرى كثير من الأمور على مرادهم فكل ذلك بتدبيرنا، ولا يخرج شيء عن مرادنا، ولا بد أن نهلكهم فإنهم في قبضتنا، لم يخرجوا منها ولا يخرجون فضلاً عن أن يفوتوها فاصبر ولما كان هذا ربما أدى إلى ترك المناصبة والمحاربة والمغالبة اعتماداً على الوعد الصادق المؤيد بما وقع لهم في بدر من عظيم النصر مع نقص دعوى العِدة والعُدة، أتبعه ما يبين أت اللازم ربط الأسباب بمسبباتها، وليتبين الصادق في دعوى الإيمان من غيره فقال :( وأعدوا لهم ) أي للأعداء ) ما استطعتم ) أي دخل في طاعتكم وكان بقوة جهدكم تحت مقدروكم وطاقتكم ) من قوة ) أي قوة كانت، وفسرها النبي ( ﷺ ) بالرمي إشارة إلى أنه أعظم عدده على نحو ( الحج عرفة ) وفي أمرهم بقوله ) ومن رباط