صفحة رقم ٢٣٩
لخواطرهم وبالمعنى الثاني - لتضمنه الأول وزيادته عليه - قال ابن زيد والشعبي : حسبك الله وحسبك من اتبعك، وساقها سبحانه على وجه مكرر لفكاية نبيه ( ﷺ ) محتمل لأن فيمن كان على اتباعه في ذلك الوقت لئلا يستقلوا بالنسبة إلى كثرة أعدائهم.
ولما بين أنهم كافون مكفيون، وكان ذلك مشروطاً الكيس والحزم وهو الهيبة للأبطال في حال من الأحوال، فقال معبراً بالوصف الناظر إلى جهة التلقي عن الله ليشتد وثوق السامع لما يسمعه :( يأيها النبي ) أي الغريقين في الإيمان ) على القتال ) أي بالغ في حثهم عليه وندبهم بكل سبيل إليه، ومادة حرض - بأيّ ترتيب كان - حرض، حضر، رحض، رضح، ضرح ؛ ترجع إلى الحضور ويلزمه الخفض والدعة، ويلزم الكسل فيلزمه الضعف فيلزمه الفساد، ومنه الحرض الذي اشفى على الهلاك، اي حضر هلاكه وحضر هو موضعه الذي هو فيه فصار لما به لا يزايله ما دام حياً، ورخص الثوب، اي غسله، من الدعه التي هي شأن الحضور غير المسافرين، والرحضاء عرق الحمى تشبيه بالمغسول، والمرضاح الحجر الذي لا يزال حاضراً لرضح النوى، والضريح شق مستطيل يوضع فيه الميت فيكون حاضره لازماً له دائماً إلى الوقت المفلوم، ويلزمه الرمي والطول، ومنه المضرحي للطويل الجناحين من الصقور لأن كل صيد عنده حاضر لقوة طيرانه، والرجل الكريم لعلو همته، وأحضرت الدابة : عدت فجعلت الغائب حاضراً، والتحريض الحث على حضور الشيء، فحضر على القتال : حث على الطيران إليه بتعاطي أسبابه والاستعداد لحضوره حتى يصير المحثوث كانه حاضر، متى قيل : يا صباحاه طار إلى المنادي، وكان اول حاضر إلى النادي، لأنه لا مانع له من شيء من الأشياء بل استعداده استعداد الحاضر في الصف ؛ وقال الإمام أبو الحسن علي ابن عيسى الرماني في تفسيره : والتحريض : الدعاء الوكيد لتحريك النفس على امر من الأمور، والحث والتحريض والتحضيض نظائر، ونقيضه التفسير، والتحريض ترغيب في الفعل بما يبعث على المبادرة إليه مع الصبر عليه - انتهى.
فهذه حقيقته، لا ما قال في الكشاف وتبعه عليه البيضاوي.
ولما ندبهم إلى القتال، أعلمهم بأنهم منصورون فيه إن لازموا آلة النصر، فقال استئنافاً جواباً لمن قال : ما عاقبتهم إذا رغبوا فبادروا إلى ذلك ؟ :( إن يكن ( ولما كان لذة الخطاب تثير الهمم وتبعث العزائم وتوجب غاية الوثوق بالوعد، عدل عن الغيبة فقال :( منكم عشرون ) أي رجلاً :( صابرون ) أي الصبر المتقدم ) يغلبوا مائتين ( اي


الصفحة التالية
Icon