صفحة رقم ٢٤٦
أقبل عليهم مستعطفاً لهم ترغيباًفي الإسلام، فأقبل على نبيه ( ﷺ ) بالأمر بمخاطبتهم تنبيهاً على أنهم ليسوا لخطابه سبحانه بما أبعدوا أنفسهم عنه من اختيارهم الكون في زمرة الأعداء على الكون في عداد الأولياء، فقال معبراً بالوصف الناظر إلى تلقي العلم ترغيباً في التلقي منه ( ﷺ ) ) يأيها النبي ) أي الذي أنبئه بكل معنى جليل، يظهر دينه ويزكي أمته مع رفع مقداره وإتمام أنواره ) قل لمن في أيديكم ) أي في أيدي أصحابك وأهل العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب ) من الأساري ( ترغيباً لهم فيما عند الله ) إن يعلم الله ( بما له من صفات الجلال والجمال ) في قلوبكم خيراً ) أي شيئاً من تقواه الحاملة على الإيمان الذي هو رأس الخير وعلى كل خير ) يؤتكم خيراً مما أخذ منكم ) أي مما يفتح به عليكم من المغانم في الدنيا ويدخره لكم من الثواب في الأخرى ) ويغفر لكم ) أي ما سلف من ذنكوبكم ) والله ) أي الذي بيده كل شيء ) غفور رحيم ) أي من شأنه ذلك، والمعنى على ما علم من قصة العباس الآتيه رضي الله عنه أنه سبحانه يعاملكم وأمثالكم في غير ما ياخذ منكم جنده بالكرم، وأما إنه يحكم بإسقاط الفداء عنكم ويأمركم بتركه وإطلاقكم مجاناً بما يعلم في قلوبكم من خير وإيمان كنتم تكتمونه فلا تطمعوا فيه لأن ذلك يفتح باب الدعاوى الباطلة المانعة من الغنائم الموهنة للدين ؛ قال الحافظ أبو عمر بن عبد البر في سيرته : قال ابن عباس وسعيد المسيب :( كان العباس رضي الله عنه في الأسرى فقال له الرسول صلى الله عنه وسلم :( افد نفسك وابني أخيك عقيلاً ونوفلاً وخليتك فإنك ذو مال، ( فقال : يارسول الله إني كنت مسلماً ولكن القوم استكرهوني، فقال رسول الله ( ﷺ ) :( الله أعلم بإسلامك، إن كان حقاً ما تقول فالله يجريك به، وأما ظاهر أمرك فقد كان علينا، ( قال : ليس لي مال، فقال له رسول الله ( ﷺ ) :( وأين المال الذي وضعت عند أم الفضل حين خرجت وليس معك أحد ؟ ثم قلت : إن أصبت في سفري هذا فأعطي الفضل كذا وعبد الله كذا ( فقال : والذي بعثل بالحق ما علم بهذا أحد غيري وغيرها، فقدى نفسه بمائة أوقية وكل واحد بأربعين اوقية وقال : تركتني أسأل الناس، وأسلم وأمر عقيلاً فأسلم، ولم يسلم من الأساري غيرهما ).
ولما كان التقدير : فإن صدقوك وقلبوا - بشرىالله، وفي لهم، عطف عليه قوله :( وإن يريدوا ) أي الأسرى والكفار كلهم أو واحد منهم كأبي عزة ) خيانتك ) أي وأنت أعلى الخلق في عهد من إسلام أو غيره يوثقونه لك ترضى به في المن على أحد