صفحة رقم ٢٥١
يواقعوا الهجرة لدار الشرك ومن فيها ) وإن استنصرهم ) أي طلبوا نصركم ) في الدين ) أي بسبب امر من أموره وهم متمكنون من الدين تمكن المظروف من الظرف ) فعليكم النصر ) أي واجب عليكم ان تنصروهم على المشركين، فالمعنى انه ليس لهم عليكم حق القريب إلا في الإستنصار في الدين، فإن ترك نصرهم يجر إلى مفسده كما أن موالاتهم تجر إلى مفاسد ؛ ثم استثنى من الوجوب فقال :( إلا على قوم ( وقع وكان ) بينكم وبينهم ميثاق ) أي لأن استنصارهم يوقع بين المفسدين : ترك نصرة المؤمن ونقض العهد وهو اعظمهما فقدمت مراعاته وتركت نصرتهم، فإن نصرهم الله على الكفار فهو المراد من غير أن تدنسوا بنقض، وغن نصر الكفار حصل لمن قتل من إخوانكم الشهادة ولمن بقي الضمان بالكفاية، وكان ذلك داعياً لهم إلى الهجرة، ومن ارتد منهم أبعده الله ولن يضر إلا نفسه والله غنى حميد، فقد وقع - كما ترى - تقسيم المؤمنين إلى ثلاثة اقسام : أعلاها المهاجر، ويليه الناصر، وادناها القاعد القاصر، وبقي قسم رابع ياتي ؛ قال أبو حيان : فبدأ بالمهاجرين - أي الأولين - لأنهم أصل الإسلام وأول من استجاب لله تعالى، فهاجر قوم إلى المدنية، وقوم إلى الحبشة، وقوم إلى ابن ذي يزن، ثم هاجروا إلى المدينة وكانوا قدوة لغيرهم في الإيمان وسبب تقوية الدين ( من سنَّ سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها إلى يو القيامه ) وثنى بالأنصار لأنهم ساووهم في الإيمان وفي الجهاد بالنفس والمال، لكنه عادل بالهجرة الإيواء والنصرة، وانفراد المهاجرين بالسبق، وذكر ثالثاً من آمن ولم يكن له بالمدينة ولي مهاجرين، ولا توارث بينه قربية المسلم غير المهاجرين، قال ابن زيد : واستمر امرهم كذلك بوقعه بدر أولى للآية الآتية آخر السورة مع ما يؤيد ذلك من ىية الأحزاب ولما كان التقدير : فالله بمصالحهم خبير، وكان للنفوس دواع إلىى مناصرة الأقارب والأحباب ومعاداة غيرهم خفية، ولها دسائس تدرك، حذرمن ذلك بقوله عاطفاً على هذا المقدر :( والله ) أي المحيط علماً وقدرة، ولما كان السياق لبيان المصالح التي تنظم الدين وتهدم ما عداه، وكان للنفوس - كما تقدم - أحوال، اقتضى تأكيد العلم بالخفاوة فقدم الجار الدال على الاختصاصالذي هو هنا كناية عن إحاطة