صفحة رقم ٢٥٤
أي لهم ما لكم وعليهم ما عليكم من المواريث والمغانم وغيرها، لأن الوصف الجامع هو المدار للأحكام وإن تأخرت رتبتهم عنكم كما أفهمته أداة البعد.
ولما بين أنهم، بين أنه متى جمعهم الوصف المحصل للولاية، كان القرب في الرحم أولى من غيره فقال :( وألو الأرحام ) أي من المؤمنين الموصوفين ) بعضهم أولى بعض ) أي في الإرث وغيره من المتصفينبولاية الدين الخالية عن الرحم ) في كتاب الله ) أي القرآن أو في حكمه وقسمة الذي أنزله إليكم الملك الأعظم في آيات الإرث، وهي مقيدة بالعصبات فنسخت الولاية فبل دلالة على توريث غيرهم، وذكر ابن عبد البر في الاستيعاب في ترجمة النمذر بن عمرو أن بدراً قطعت المواخاة بين الصحابة رضي الله عنهم، يعني فتمون هذه الآية ناسخة آية ) بعضهم أولياء بعض ( وتكون تلك حينئذ مبينة أمر ما كان قبل غزوة بدر - وهوحسن، والآية التي في سورة الأحزاب مؤيدة له، ثم علل سبحانه ما ذكر بما يرغب فيه فقال :( إن الله ) أي الذي له صفات الكمال كلها ) بكل شيء عليم ( فهو يعلم أن هذا هو الذي تدور عليه المصلحة وتدوم به الألفة كما علم في أول الأمر أن نوط الإرث وغيره من لوازم القرب بالأخوة الإسلامية أولى لما في ذلك من تكثير قلتكم ونصر ذلتكم وجمع شتاتكم وجعل ما بينكم من الأخوة كلحمة النسب، فاما الآن فقد ضرب الدين بجزانه، وثبت بقواعده وأركانه، وولى الكفر بسلطانه، ونكص مدبراً بأعوانه، فتورثوا بالإسلام والقرابة وتقاطعوا الكفار، وقربوا وبعدوا، وانحازوا عنهم كما انحازو عنكم، وتبرؤوا منهم كما تبرؤوا منكم، فقد انطبق آخر السورة بالإعراض عن الدنيا وإصلاح ذات البين وبيان المؤمنين حقاً وتقليد العليم في جميع الأعمال من غير اعتراض - على أولها، وببيان من يوالي ومن يعادي على أول براءة - والله الموفق.