صفحة رقم ٢٥٩
لقول من يقول : هما سورة واحدة. انتهى. وعن أبي كعب رضي الله عنه أنه قال : إنما توهموا ذلك لأن في الأنفال ذكر العهود، وفي براءة نبذ العهود، ووضعت إحداهما بجنب الأخرى، والمراد بالمثاني هنا ما دون المئين وفوق المفصل، قال أبو عبيد الهروي : قيل لها مثاني لأن المئين جعلت مبادئ والتي تليها مثاني - انتهى. والأحسن كون ذلك بالنسبة إلى اغلمفصل من وجهين : الأول أن المفصل أول لقب جامع للسور باعتبار القصر وفوقه المثاني ثم المئون ثم الطول، فالمثاني ثانية له حقيقة، وما هي ثانية للمئين إلا أن ألفينا البداءة بالطول من الطرف الآخر، الثاني أنها لما زادت على المفصل كانت قسمة السورة منها في ركعتين من الصلاة كقراءة سورتين من المفصل فكانت مثاني لتثنيتها في مجموع الصلاة باعتبار قراءة بعضها في كل من الركعتين، قال أبو جعفر النحاس : قال أبو إسحاق : جدثني بعض أصحابنا عن صاحبنا محمد بن يزيد أنه قال : لم تكتب في أولها بسم الله، وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال : سألت عليا رضي الله عنه : لم تكتب " بسم الله الرحمن الرحيم " ها هنا ؟ قال : لأن بسم الله الرحمن الرحيم " أمان - انتهى. وبهذا أخذ الإمام أبو القاسم الشاطبي في قصيدته حيث قال :
ومهما تصلها أو بدأت براءة
تنزيلها بالسيف لست مبسملا
وقال في الكشاف : وسئل ابن عيينة فقال : اسن الله سلام وأمان، فلا يكتب في النبذ والمحاربة، قال الله تعالى ) ولا تقولوا لمن ألقى إليكم السلام لست مؤمنا ) [ النساء : ٩٤ ] قيل : فإن النبي ( ﷺ ) قد كتب إلى أهل الحرب " بسم الله الرحمن الرحيم " قال : إنما ذلك ابتداء، يدعوهم ولم ينبذ إليهم، ألا تراه يقول " سلام على من اتبع الهدى " فمن دعى إلى الله فأجاب ودعى إلى الجزية فأجاب فقد اتبع الهدى، وأما النبذ فإنما هو البراءة واللعنة - انتى. ولا يعارض هذا خبر ابن عباس عن عثمان رضي الله عنهما، بل هو شبيه لما نزلت من غير بسملة للمعنى المذكور، اشتبه أمرها على الصحابة رضوان الهل عليهم، ولم يقع سؤال عنها حتى توفي رسول الله ( ﷺ )، فكانت موافقتهم للسور في تسميتها باسم يخصها دليلا على أنها سورة برأسها، ومخلفتهعم في ترك إنزال البسملة في أولها مع احتمال أنها تركت للمعنى المذكور أو لغيره دليلا على أنها بعض سورة، فقد روى أبو داود والحاكم في المستدرك عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : كان النبي ( ﷺ ) لا يعرف فصل السورة - وفي رواية : لا يعلم انقضاء السورة