صفحة رقم ٢٦٢
الناس والناس تبع لهم في الخير والشر - يستحقون أن يعبر عنهم بما يفهم الكل ومبني هذه السورة على البراءة من المشركين والموالاة للمؤمنين الدال على إيمانهم طاعة الله بالصلاة والزكاة والجهاد لمن أمر بالبراءة منه قل أو كثر قرب أو بعد في المنشط والمكره والعسر واليسر.
ولما كان ظاهر الحال وقت تكامل نزولها - وهوشوال أو ذو العقدة أو ذو الحجة سنة تسع بعد مرجع النبي ( ﷺ ) من تبوك - أن الحرب قد وضعت أوزارها وأطفئت نارهم ببسط الإسلام في الخاص والعام، ومابين اليمن والشام، وانتشار ألويته وأعلامه، وتأيد رئيسه وإمامه بقهر جيوش الكفار، وقصد الناس له بالاتباع من جميع الأمصار، أكد أمر الجهاد ومصادقة الأنداد في هذه السورة تأكيداً لم يؤكد في غيرها ؛ ذكر الواقدي في أواخر غزوة تبوك كلاماً ثم قال : قالو : وقدم رسول الله صلى لله عليه وسلم فنهاهم عن ذلك وقال :( لا تزال عصابة من أمتي يجاهدون على الحق حتى يخرج الدجال ) وإنما قلت : إن تكامل نزولها كان في شوال أو في ذي القعدة أو في ذي الحجة لأن البغوي نقل عن الزهري أن أولها نزل في شوال، وقال ابن اسحاق - ونقله عنه البيهقي في دلائل النبوة - : ثم أقام رسول الله ( ﷺ ) بعد منصرفه من تبوك بقية شهر رمضان وشوالاً وذا القعدة ثم بعث أبا بكر رضي اله عنه أميراً على الحج في سنة تسع ليقيم للمؤمنين حجهم والناس من أهل الشرك على منازلهم من حجهم - وأسند البيهقي في دلائله إلى عروة قال : فلما أنشأ الناس الحج تمام سنة تسع بعث رسول الله ( ﷺ ) أبا بكر اميراً على الناس وكتب له سنن الحج - انتهى.
فخرج أبو بكر والمؤمنون رضي الله عنهم ونزلت براءة في نقض ما بين رسول الله ( ﷺ ) وبين المشركين من العهد الذي كانوا عليه فيما بينهم وبينه أن لا يصد عن البيت أحد جاءه ولا يخاف أحد في الشهر الحرام ؛ وكان أماناً مستيقضاً من بعضهم لبعض على غير مدة معلومة ؛ رجُع إلى ما رأيته أنا في سيرته : وكانت بين ذلك عهود بين رسول الله ( ﷺ ) وبين قبائل من العرب خصائص إلى آجال مسماة فنزلت فيه