صفحة رقم ٢٦٨
الله على محمد ( ﷺ ) ؟ فأقرأه رجل براءة فقال :( أن الله بريء من المشركين ورسوله ( بالجر، فقال : أوقد بريء الله من رسوله ؟ إن يكن الله بريء من رسوله فأنا أبرأ منه، فبلغ عمر رضي الله عنه مقالة الأعرابي فدعاه - يعني فسأله فأخبره - فقال عمر رضي الله عنه : ليس هكذا يا أعرابي قال : فكيف هي يا أمير المؤمنين ؟ فقال ) أن الله بريء من المشركين ورسولُه ( فقال الأعرابي : وأنا والله أبرأ مما برئ الله ورسوله منه، فأمر عمر بن الخطاب رضي الله عنه ان لا يقرئ القرآن إلا عالم باللغة.
وأمر أبا الأسود فوضع النحو، ونحو ذلك في الاهتمام بشأن العربية ما حكاه الشريف محمد بن أسعد الجواني النسابة في كتابه في الأنساب في ترجمة أبي الأسود الؤلي بسنده إليه أنه قال : دخلت على امير المؤمنين علي رضي الله عنه فرايته مطرقاً مفكراً فقلت : فيم تفكر يا أمير المؤمنين ؟ فقال : إني سمعت ببلدكم هذا بقيت فينا هذه اللغة، ثم أتيته بعد أيام فألقى إليّ صحيفة فيها : بسم الله الرحمن الرحيم، الكلام كله اسم وفعل وحرف، فالاسم ما انبأ عن المسمى، الفعل ما أنبأ عن حركة المسمى، والحرف نا أنبأ عن معنى ليس باسم ولا فعل : ثم قال : تتبعه وزد فيه ما وقع لك، واعلم أن الأشياء ثلاثة : ظاهر ومضمر وشيء ليس بظاهر ولا مضمر، وإنما يتفاضل الناس في معرفة ما ليس بمضمر ولا ظاهر، قال أبو الأسود الدؤلي : فجمعت اشياء فعرضتها عليه، فكان من ذلك حروف النصب، فذكرت منها إن وأن وليت ولعل وكأن ولم أذكر لكن، فقاللي : لم تركتها ؟ فقلت : لم أحسبها فيها، فقال بل هي منها فزدها فيها، وقال أبو بكر محمد بن الحسن الزبيدي في طبقات النحويين : وقال أبو العباس محمد بن زيد : سئل أبو الأسود الدؤلي عمن فتح له الطريق إلى الوضع في النحو وأرشده إليه، فقال : تلقنته من علي بن أبي طالب، وفي حديث آخر : ألقى إليّ اصولاً احتذيت عليها ؛ وفي مختصر طباقهم للحافظ محمد بن عمران المرزباني : كان علي بن أبي طالب رضي الله عنه قد رسم لأبي الأسود الدؤلي حروفاً يعلمها الناس لما فسدت ألسنتهم فكان لا يحب أن يظهر ذلك ضناً به بعد علي رضي الله عنه، فلما كان زياد وجه إليه أن عمل شيئاً تكون فيه إماماً وينتفع به الناس فقد كنت شرعت فيه لتصلح ألسنة الناس، فدافع بذلك حتى مر يوماً بكلإ البصرة وإذا قارئ يقرأ ) ان الله بريء من المشركين ورسوله ( وحتى سمع رجلاً قال : سقطت عصاتي، فقال : لا يحل لي بعد هذا ان اترك الناس فجاء إلى زياد فقال :


الصفحة التالية
Icon