صفحة رقم ٢٧٢
مما تقدم لأن الله يقبل ذلك منهم ويغفر لهم ما سلف ) إن ) أي لأن ) الله ) أي الذي له الجلال والإكرام ) غفور رحيم ) أي بليغ المحو للذنوب التي تاب صاحبها عنها والاتباع له بالإكرام.
التوبة :( ٦ - ٩ ) وإن أحد من.....
) وَإِنْ أَحَدٌ مِّنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلاَمَ اللَّهِ ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ ذلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لاَّ يَعْلَمُونَ كَيْفَ يَكُونُ لِلْمُشْرِكِينَ عَهْدٌ عِندَ اللَّهِ وَعِندَ رَسُولِهِ إِلاَّ الَّذِينَ عَاهَدْتُمْ عِندَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ فَمَا اسْتَقَامُواْ لَكُمْ فَاسْتَقِيمُواْ لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ كَيْفَ وَإِن يَظْهَرُوا عَلَيْكُمْ لاَ يَرْقُبُواْ فِيكُمْ إِلاًّ وَلاَ ذِمَّةً يُرْضُونَكُم بِأَفْوَاهِهِمْ وَتَأْبَى قُلُوبُهُمْ وَأَكْثَرُهُمْ فَاسِقُونَ اشْتَرَوْاْ بِآيَاتِ اللَّهِ ثَمَناً قَلِيلاً فَصَدُّواْ عَن سَبِيلِهِ إِنَّهُمْ سَآءَ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ ( ( )
ولما سد عليهم طريق مخالطتهم ما لم يتصفوا بالتوبة المدلول عليها بالشهيدين المذكورين سداً مطلقاً، وفتحه عند الاتصاف بها فتحاً مطلقاً، عطف على ذلك طريقاً آخر وسطاً مقيداً فقال :( وإن أحد من المشركين ) أي الذين أمرناكم بقتالهم ) استجارك ) أي طلب أن تعامله في الإكرام معاملة الجار بعد انقضاء مدة السياحة ) فأجره ) أي فآمنه ودافع عنه من يقصده بسوء ) حتى يسمع كلام الله ) أي الملك الأعظم بسماع التلاوة الدالة عليه، فيعلم بذلك ما يدعو إليه من المحاسن ويتحقق انه قد ذكر، بين ما يفعل به إن أصر فقال :( ثم أبلغه ) أي إن أراد الانصراف ولم يسلم ) مأمنه ) أي الموضع الذي يأمن فيه ثم قاتله بعد بلوغه المأمن إن شئت من غير غدر ولا خيانه ؛ قال الحسن : هي محكمة إلى يوم القيامة ؛ ثم علل ذلك بما يبين غدرهم بقوله :( ذلك بأنهم ) أي الأمر بالإجازة للغرض المذكور بسبب أنهم ) قوم لا يعلمون ) أي لا علم لهم لأنه لا عهد لهم بنبوة ولا رسالة ولا كتاب، فإذا علموا أوشك أن ينفعهم العلم.
ولما كان الأمر بالنبذ مظنة لأن يعجب منه، عجب فقال : فمن يتعجب منه ؟ وأنكر عليه فقال :( كيف يكون للمشركين ) أي اهل العراقة في الشرك الذين توجب عراقتهم فيه ومحبتهم لظهوره نكثَ العهد الذي لا أقبح منه عند العرب ولا أشنع ) عهد عند الله ) أي المستجمع لصفات الكمال، فهو لا يحب النقض من أوليائه فكيف به من اعدائه ) وعند ورسوله ) أي الذي هو أكمل الخلق واوفاهم وأحفظهم للعهود وأرعاهم فهم أضداده فأعمالهم اضداد اعماله، وقد بدا منهم الغدر.