صفحة رقم ٢٧٤
ولما دام ما ترى من كشف سرائرهم، شرع سبحانه يقيم لهم الدليل على فسقهم وخيانتهم ما بدا من بعضهم من النقض بعد أن أثبت فيما مضى انهم شرع واحد بعضهم أولياء بعض، وفيما يأتي أنهم بعضهم من بعض، فقال معبراً بما يفيد انهم تمكنوا من ضد الإيمان تمكناًصار به كأنه في حوزتهم :( اشتروا ) أي لجوا في أهويتم بعد قيام الدليل الذي لا يشكون فيه فاخذوا ) بآيات الله ( اي الذي لجوا في اهويتهم جلال ولا جمال على مالها من العظم في انفسها وبإضافتها إليه ) ثمناً قليلاً ( من أعراض الدنيا فرفضوا بها مع مصاحبة الكفر، وذلك وأداهم إلى أن صدوا ) عن سبيله ) أي من يريد السير عليه ومنعوا من الدخول في الذين أنفسهم ومن قدروا على منعه.
ولما دل على ما اخبر به من فساد قلوبهم، استأنف بيان ما استحقوا من عظيم الذم بقوله معجباً منهم :( إنهم ساء ما ( وبين عراقتهم في القبائح وأنها في جبلتهم بذكر الكون فقال :( كانوا يعملون ) أي يجدون عمله في كل وقت، وكأنه سبحانه يشير بهذا إلى ما فعلت عضل والقارة بعاصم بن ثابت وخبيب بن عدي، ذكر ابن اسحاق في السيرة عن عاصم بن عمر رضي الله عنه - والبخاري في الصحيح عن أبي هريرة رضي الله عنه -، كل يزيد على صاحبه وقد جمعت بين حديثيهما أنه قدم على رسول الله ( ﷺ ) بعد أحد رهط من عضل والقارة فقالوا : يارسول الله إن فينا إسلاماً فابعث معنا نفراً من ستة - وقال البخاري : عشرة - وأمر عليهم عاصم هذيلاً، فلما أتوهم أخذوا أسيافهم ليقاتلوهم، فقالوا : إنا والله لا نريد قتلكم، ولكنا نريد أن نصيب بكم شيئاً من اهل مكة، ولكن عهد الله وميثاقه أن لا نقتل منكم أحداً، فأما عاصم فلم يقبل وقاتل حتى قتل هو ناس من اصحابه، ونزل منهم ثلاثة نفر على العهد والميثاق، فلما استمكنوا منهم أطلقوا أوتار قسيهم فربطوهم بها، فقال رجل منهم : هذا اول الغدر، والله لا أصحبكم، إن لي بهؤلاء أسوة - يريد القتلى، فجروره وعالجوه فابى ان يحبهم فقتلوه ؛ فانطلقوا بخيب وزيد بن الدثنة حتى باعوهما بمكة فقتلوهما.
وقصة العرنيين الذين قدموا على رسول الله ( ﷺ ) فاظهروا الإسلام ثم خرجوا إلى لقاح النبي ( ﷺ ) فقتلوا الراعي واستاقوا اللقاح بعد ما راوا من الآيات، فبعث النبي ( ﷺ ) في آثارهم فقتلهم


الصفحة التالية
Icon