صفحة رقم ٢٨
غيره فقال :( قل إنما حرم ربي ( اي المحسن إليّ بجعل ديني احسن الديان ) الفواحش ) أي كل فرد منها وهي ما زاد قبحه ؛ ولما كانت الفاحشة ما يتزايد قبحه فكان ربما ظن أن افسرار بها غير مراد بالنهي قال :( ما ظهر منها ( بين الناس ) وما بطن ( ولما كان هذا خاصاً بما عظمت شناعته قال :( والإثم ) أي مطلق الذنب الذي يوجب الجزاء، فظغن الإثم الذنب والجزاء ؛ ولما كان البغي زائد القبح مخصوصاً بانه من اسرع الذنوب عقوبة خصة بالذكر فقال :( والبغي ( وهو الاستعلاء على الغير ظلماً، ولكنه لما كان قد يطلق على مطلق الطلب، حقق معناهاالعرفي الشرعي فقال :( بغير الحق ) أي الكامل الذي ليس فيه شائبة باطل كان بغياً، ولعله يخرج العلو بالحق بالانتصار من الباغي فإنه حق كامل الحقيقة، وتكون تسمية بغياً على طريق المشاكلة تنفيراً - بإدخال تحت اسم البغي - من تعاطيه وندباً إلى العفو كما تقدم مثله في ) يحب الله الجهر بالسوء من القول إلا من ظلم ) [ النساء : ١٤٨ ] ويمكن أن يكون تقييده تأكيدا لمنعه بأ، ه لا يتصور إلا موصوفا بأنه بغير الحق كما قال تخصيصا ) ما لم ينزل به سلطانا ( فإنه ل يوجد ما يسميه أحد شريكا إلا وهو مما لم ينزل إرشادا إلى أن أصول الدين لا يجوز أعتمادها إلا بقاطع فكيف بأغظمها وهو التوحيد ولذلك عقبه بقوله :( وأن ) أي وحرم أن ) تقولوا على الله ) أي الذي لا أ " ظم منه ولا كفوء له ) ما لا تعلمون ) أي ما ليس لكم به علم بخصوصه ولا هو مستند إلى علم أعم من أن يكون من ألأصول أو لا.
ولما تقدم أن الناس فريقان : مهتد زضال، وتكرر ذم الضال باجترتئه على الله بفعل ما منعه منه وترك ما أمره به، وكانت العادة المستمرة للملوك أنهم لا يمهلون من تكرر مخالفته لهم، كان كأنه قيل : فلم لا يهلك من يخالفه ؟ فقيل وعظا وتحذيرا : إنهم لا يضرون بذلك إلا أنفسهم، ولا يفعلون شيئا منه إلا بإرادته، فسواه عندهم بقاؤهمك وهلاكهم، إنما يستعجل من يخاف الفوت أو يخشى الضرر، ولهم أجل لا بد من استيفائه، وليس ذلك خاصا بهم بل ) ولكل أمة أجل ( وهو عطف على ) فيها تحيون وفيها تموتون ) [ ألأعراف : ٢٥ ] ) فإذا جاء أجلهم (.
ولما كان نظرهم إلى الفسحة في الأجل، وكان قطع رجائهم منه من جملة عذابهم، قدمه فقال :( لا يستأخرون ) أي من الأجل ) ساعة ( عبر بها والمراد أقل ما