صفحة رقم ٢٨٨
أبو طالب : وإذا وليها " أن " والفعل كان في موضع رفع، وسد طول الكلام مسد الخبر ومعناها الذي هزو الإشفاق والطمع قريب من المقاربة في كاد، فلذلك حذف " أن " من خبرها حملا لها على كاد كما جوزوا دخول " أن " في خبر كاد حملا على عسى، وقال شارح الجزولية : وحذف " أن " من خبر عسى أكثر من إلحاق " أن " في خبر " كاد " لمقاربة كاد ذات الفعل، و " أن " تنافي ذلك، قال : ومن الفرق بينهما أن عسى ا يضمر فيها ضمير الشأن والقصة لشبهها بالحرف لعدم تصرفها وتضمر في كاد لتصرفها، ثم رجح أنه يضمر فيها وإن لم تتصرف كما أضمر في نعم وبئس وقال ابن هشام الخضراوي في شرح الإيضاح أيضا : إن سبيويه قدر عسى بقارب، أي فترفع وتنصب لأن قار بمتعد، وقدرها بقرب، أي يفلا تنصب لعدم تعديه، قال : ولا تدخل عسى على الماضي، قال أبو علي : لأنها للاستقبال المحض ولذلك وقع بعدها " أن " فلا تصلح للماضي بوجه، وقال شارح الجزولية : عسى لها الظاهر مذهبان : أحدهما أن تكون ناقصة بمعنى كان الناقصة، تحتاج إلى اسم وخبر إلا أنه يشترط في خبرها أن يكون فعلا، وأصله أن يكون اسما مثل خبر كان إلا أنه عدل عنه إلى الفعل تنبيها على الدلالة على ما هو المقصود من ارجاء وتقوية لما يفيده الرجاء من الاستقبال، وشبهت في هذا الوجه، ب " قارب زيد الخروج " تحقيقا لبيان الإعراب لا في المعنى، لأن " قار بزيد الحروج " ليس فيه إنشاء رجاء ولا غيره، وإنماهو تمثيل لتقدير الإعراب اللفظي لأنه أصلها أن تكون كذلك وإنما طرأ عليها إنشاء الرجاء كما كان ذلك في التعجب ونعم وبئس وغيرهما، والمذهب الثاني أن تأتي تامة فتستعمل استعمال " قرب " فتدخل على " أن " مع الفعل فتقول : عسى أن يقوم زيد، واستغنى فيها - بأن والفعل - عن الخبرين كما استغنى في " ظننت أن يقوم زيد " عن المفعولين، وذلك لاشتماله على مسند ومسند إليه، وهو المقصوج بهذه الأفعال، فإذا قلت : زيد عسى أن يقوم احتمل أن تكون ناقصة فيكون فيها ضمير يعود على زيد هو اسمها و " أن " مع الفعل خبرها، ويحتمل أن تكون التامة فلا يكون فيها ضمير وتكون " أن " مع الفعل فاعلها، وقال ابن الخباز الموصلي في كتابه النهاية في شرح كفاية الكفاية، عسى للطمع للمبالغة في الطمع، فلا يكون خبرها ماضيا لأن معناها الرجاء والطمع، والماضي لا يطمع فيه ولا يرجى حصوله، واستدل على أنها لا تستعمل إلا في المستقبل بقول بعض شعراء الحماسة :
عسى طيئ من طيئ بعد هذه
ستطفئ غلات الكلى و الجوانح
فإنى بالسين لأنه لم يمكنه الإتيان ب " أن " في الشعر، وقال شارح الجزولية ما معناه : إنه التزم في خبرها الفعل للدلالة على الاستقبال وألزم " أن " تقوية لذلك، ولهذا