صفحة رقم ٣٠
بحرف الشك فقال :( إما ( هي إن، الشرطية وصلت بها ما تأكيداً ) ياتينكم رسل ( ولما كانت زيادة الخبرة بالرسول أقطع للعذر واقوى في الحجة قال :( منكم ) أي من نوعكم من عند ربكم. ولما كان الأغلب على مقصد هذه السورة العلم كما تقدم في
٧٧ ( ) فلنقصن عليهم بعلم وما كنا غائبين ( ) ٧
[ الأعراف : ٧ ] ويأتي في
٧٧ ( ) ولقد جئناهم بكتاب فصلناه على علم ( ) ٧
الأعراف : ٥٢ ] وغيرها، كان التعبير بالقص - الذي هو تتبع الأثر كما تقدم في الأنعام اليق فقال ) يقصون عليكم آياتي ) أي يتابعون ذكرها لكم على وجه مقطوع به، ويتبع بعضهم بها أثر بعض لا يتخالفون في أصل واحد من الأصول ولما لقاء الرسل حتماً والهجرة إليهم واجبة لأن العمل لا يقبل إلا بالاستناد إليهم مهما وجد إلى ذلك سبيل، ربط الجزاء بالفاء فقال :( فمن اتقى ) أي خاف مقامي وخاف وعيدي بسبب التصدق بالرسل والتلقي عنهم ) وأصلح ) أي عمل صالحاً باقتفاء آثارهم ) فلا خوف ) أي ) عليهم ) أي بسبب ذلك من شيء يتوقعونه ) ولا هم ) أي بضمائرهم ) يحزنون ) أي يتجدد لهم في وقت ما حزن على شيء فاتهم، لأن الله يعطيهم ما يقر به أعينهم، وكأنه غاية في التعبير لأن إجلالهم لله تعالى وهيبتهم له يمكن أن يطلق عليهما خوف.
ولما ذكر المصدق، اتبعه المكذب فقال ) والذين كذبوا بآيتنا ( اي على ما لها من العظمة بإضافتها إلينا ؛ ولما كان التكذيب قد يكون عن شبهة أو نوع من العذر، نفي ذلك بقواه :( واستكبروا عنها ) أي أوجدوا الكبر إيجاد من هو طالب له عظيم الرغبة فيه، متجاوزين عنها إلى أضداد ما دعت إليه.
ولما ذلك ليس سبباً حقيقياً للتعذيب، وإنما هو كاشف عمن ذرأه الله لجهنم لإقامة الحجة عليه، أعري عن الفاء قوله :( أولئك ) أي البعداء البغضاء ) اصبحت النار ( ولما كان صاحب الشيء هو الملازم له المعروف به، قال مصرحاً بذلك :( هم ( تصدق بكل طبقة من طبقاتها ) خالدون ( فقد تبين أن إثيات الفاء أولاً للترغيب في الاتباع وتركها ثانياً للترهيب من شكاسة الطباع، فالمقام في الموضعين خطر، ولعل من فوائده الإشارة إلى أنه إذا بعث رسول وجب على كل من سمع به أن يقصده لتحرير امره، فإذا بان له صدقه تبعه، وإن تخلف عن ذلك كان مكذباً - الله الموافق.
ولما كان تكذيب الرسل تارة يكون بشرع شيء لم يشرعوه، وتارة برد ما شرعوه