صفحة رقم ٣١٥
اعتماره ( ﷺ ) في ذي العقدة رواه الشيخان ومضى على ما كانت العرب من الطواف عراة ونحوه ؛ وذكره الواقدي عن مشايخ قالوا : وانتهى رسول اله ( ﷺ ) إلى الجعرانه ليلة الخميس لخمس ليال خلون من ذي القعدة، فأقام بالجعرانة ثلاث عشرة ليلة، فلما أراد الانصراف إلى المدينة خرج من الجعرانة ليلة الأربعاء لاثنتي عشرة ليلة بقيت من ذي القعدة ليلاً فأحرم - فذكرعمرته ثم قال : واستعمل رسول الله ( ﷺ ) عتاب بن أسيد على مكة، وخلف معاذ بن جبل وأبا موسى الأشعري رضي الله عنهما يعلمان الناس القرآن والقفقه في الدين، وأقام للناس الحج عتاب بن أسيد رضي الله عنه عن تلك السنة وهي سنة ثمان، وحج ناس من المسلمين والمشركين على مدتهم، وقدم رسول اله ( ﷺ ) المدينة يمو الجمعه لثلاث بقين من ذي القعدة، قال الواقدي : فأقام بقية ذي القعدة وذا الحجة، فلما رأى هلال المحرم بعث المصدقين - انتهى.
إذا تقرر هذا علم أن الحج لم يكن قط إلا في شهر يسمونه ذا الحجة، وهو مما لا يدور في خَلَدَ ولا يقع في وهم فيه تردد، ولا يحتاج إلى تطويل بذكره ولا إطناب في أمره، وتارة يوافق اسمه مسماه وتارة لا يوافقه لأجل النسيء، وعلم ايضاً أن حج عتاب بن أسيد كان في ذي الحجة بعد رجوع النبي ( ﷺ ) من الجعرانه إلى المدينة الشريفة، أنه ما تأخر عن ذي الحجة إلا لنقل، وان حج أبي بكر رضي الله عنه سنة تسع كان ذي الحجة لذلك ولما تقدم من أن سفره له من المدينة الشريفة كان آخر ذي القعدة أو أول ذي الحجة ولقولهم : إن الأربعة الأشهر التي ضربت للمشركين من يوم النحر ولقولهم : إن الأربعة الأشهر كان آخرها عاشر ربيع الآخر، وعلم ان ذا الحجة تلك السنة لو كان وافق مسمى ذي القعدة لم يقع ذو الحجة سنة عشر شهراً بنسيء أو غيره، وكل من الأمرين باطل، أما الأول فلأن الله تعالى ابطل النسيء في تلك السنة فيما ابطله من أمور الجاهلية في هذه السورة، وأرسل النبي ( ﷺ ) بالمناداة بها كما مر، وأما الثاني فهو أمر خارق للعادة لم يكن مثله من حين خلق الله السماوات والأرض، والخارق مما تتوفر الدواعي [ على ] نقله، ولا ناقل لهذا أصلاً فبطل، وإذا بطل ثبت أن سنة عشر كانت اثنى عشر شهراً ولا سيما بعد إنزال الله تعالى في ذلك ما أنزل في هذه السورة، وإذا كان الأمر كذلك كان الشهر الذي وقف فيه النبي ( ﷺ ) في موضع الشهر الذي وقف فيه الصديق رضي الله عنه سواء