صفحة رقم ٣٢٤
الدين وتمكن أمر المؤمنين فالمأمور به الإغلاط على المنافقين فهلا تركت الإذن لهم ) حتى يتبين لك ) أي غاية البيان ) الذين صدقوا ) أي في التزام الأوامر بما أقروا به من كلمة التوحيد ) وتعلم الكاذبين ) أي فيما اظهروا من الإيمان باللسان، فإنك إن لم تأذن لهم لقعدوا بلا إذن غير مراعين ميثاقهم الذي واثقوك عليه بالطاعة في العسر واليسر والمنشط والمكره ؛ قال أبو حيان : و ) حتى ( غاية الاستفهام - انتهى.
وذلك لأنه وإن كان داخلاً على فعل مثبت فمعناه النفي، أي ما لك لم تحملهم على الغزو معك ليتحقق بذلك الحمل من يطيع ومن يعصي، فالحاصل ان الذي فعله ( ﷺ ) حسن موافق لما أمره الله به فإنه لا ينطبق عن الهوى بل عن أمر الله إما بإيحاء واصل جديد، أو استناد إلى وحي سابق حاصل عتيد، والذي اشار إليه سبحانه احسن مثل
٧٧ ( ) ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك ( ) ٧
[ الفتح : ٢ ] من باب ( حسنات الأبرار سيئات المقربين ) ومن باب الترقية من مقام عال إلى مقام اعلى تسييراً فيهم بالعدل لما انكشف انهم ليسوا بأهل الفضل ؛ قال الأستاذ أبو الحسن الحرالي في آخر كتاب العروة في تفاوت وجه الخطاب فيما بين ما انزل على وفق الوصية أو أنزل على حكم الكتاب : اعلم ان الله سبحانه بعث محمداً ( ﷺ ) بالرحمة لجميع العالمين وخلقه بالعفو والمعروف، كما ورد في الكتب السابقة من قوله تعالى :( وأجعل العفو والمعروف خلقه ) وبذلك وصاه كما ورد عنه ( ﷺ ) أنه قال :( أوصاني ربي من غير ترجمان ولا واسطة بسبع خصال : بخشية الله في السر والعلانية، وأن أصل من قطعني، وأصفح عمن ظلمني، وأعطي من حرمني، وأن يكون نطقي ذكراً، وصمتي فكراً، ونظري عبرة ) فكان فيما أوصاه به ربه تبارك وتعالى من غير ترجمان ولا واسطة أن يصل من قطعة ويصفح عمن ظلمه، ولا أقطع له ممن كفر به وصد عنه، فكان هو ( ﷺ ) - يحكم ما بعث به وجبل عليه ووصى به - ملتزماً للعفو عمن ظلمه والوصل لمن قطعه إلا أن يعلن عليه بالإكراه على ترك ذلك والرجوع إلى حق العدل والاقتصاص والانتصاف المخالف لسعة وصيته الموافق لما نقل من أحكام سنن الأولين في مؤاخذتهم بالحق والعدل إلى جامع شرعته ليوجد فيها نحو مما تقدم من الحق والعدل وإن قل، ولتفضل شرعته بما اختص هو به ( ﷺ ) من البعثة بسعة الرحمة والفضل
٧٧ ( ) إن الله يأمر بالعدل والإحسان ( ) ٧
[ النحل : ٩ ]،
٧٧ ( ) وما كان الله ليعذبهم وأنت فيهم ( ) ٧
[ الأنفالك ٣٣ ] فمن القرآن ما أنزل


الصفحة التالية
Icon