صفحة رقم ٣٣٣
إنفاقهم، لم يربط الجواب بالفاء بل قال :( لن ينتقل منكم ) أي يقع تقبل لشيء يأتي من قبلكم أصلاً من أحد له أن يتقبل كائناً من كان، ولذلك بناه للمفعول، لأن قلوبكم كارهة ليست لها نية صالحة في الإنفاق ولا في غيره، فانقسام إنفاقكم إلى طوع وكره إنما هو باعتبار الظاهر، وكأنه عبر بالتفعل إشارة إلى قبوله منهم ظاهراً ولما كان غير مقبول باطناً على حال من الأحوال علل بقوله :( إنكم كنتم ) أي جبلة وطبعاً ) قوماً فاسقين ) أي عريقين في الفسق بالغين انهى غاياته.
ولما علل بالعراقة في الخروجعن الطاعة، بينه في قوله :( وما منعهم أن تقبل ( اي باطناً، ولذا عبر بالمجرد، ولذا بناه للمفعول لأن النافع القبول في نفس الأمر لا كونه من معين ) منهم نفقاتهم ) أي وإن جلت ) إل أنهم كفروا بالله ) أي الذي له جميع صفات الكمال من الجلال والجمال لفساد جبلاتهم وسوء غرائزهم.
ولما كان قبول النفقات مهيئاً للطهارة التي تؤثرها الصلاة، كان السياق لعدم قبولها - ليتسبب عنه النهي عن الصلاة عليهم - أبلغ لأنه أدل على الخبث، فأكدج كفرهم بزيادة الجار إشعاراً بأن الكفر بكل منهما على حياله مانع فقال :( وبرسوله ) أي فسقهم بانهم غير مؤمنين وهو السبب المانع بمفرده من القبول : ثم قدح في شاهدي ما يظهرون من الإيمان وهما الصلاة والزكاة وغيرهما من الإنفاق في الخيرات بما هو لازم للكفر ودال عليه فقال :( ولا يأتون الصلاة ) أي المفرضة وغيرها ) إلا هم كسالى ) أي في حال كسلهم، لا يأتونهم قط بنشاط ) ولا ينفقون ) أي نفقة من واجب أو غيره ) إلا هم كاهرون ) أي في حال الكراهة وإن ظهر لكم خلاف ذلك، وذلك كله لعدم النية الصالحة واعتقاد الآخرة، وهذا لا ينافي طوعاً لأن ذلك بحسب الفرض أو الظاهر وهذا بحسب الواقع.
التوبة :( ٥٥ - ٥٩ ) فلا تعجبك أموالهم.....
) فَلاَ تُعْجِبْكَ أَمْوَالُهُمْ وَلاَ أَوْلاَدُهُمْ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ بِهَا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَتَزْهَقَ أَنفُسُهُمْ وَهُمْ كَافِرُونَ وَيَحْلِفُونَ بِاللَّهِ إِنَّهُمْ لَمِنكُمْ وَمَا هُم مِّنكُمْ وَلَكِنَّهُمْ قَوْمٌ يَفْرَقُونَ لَوْ يَجِدُونَ مَلْجَئاً أَوْ مَغَارَاتٍ أَوْ مُدَّخَلاً لَّوَلَّوْاْ إِلَيْهِ وَهُمْ يَجْمَحُونَ وَمِنْهُمْ مَّن يَلْمِزُكَ فِي الصَّدَقَاتِ فَإِنْ أُعْطُواْ مِنْهَا رَضُواْ وَإِن لَّمْ يُعْطَوْاْ مِنهَا إِذَا هُمْ يَسْخَطُونَ وَلَوْ أَنَّهُمْ رَضُوْاْ مَآ آتَاهُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَقَالُواْ حَسْبُنَا اللَّهُ سَيُؤْتِينَا اللَّهُ مِن فَضْلِهِ وَرَسُولُهُ إِنَّآ إِلَى اللَّهِ رَاغِبُونَ ( ( )
ولما انتفى عن أموالهم النفع الأخرن الذي هو النفع، تسبب عن ذلك الزهد فيها الموجب لعدم الالتفات إليها وعدم اعتقاد أن فيها بركة ودلالة على خير، فقال - مبيناً ما


الصفحة التالية
Icon