صفحة رقم ٣٤٤
منها الجلود، وتجب منها القلوب، اللهم اجعل وفاتي قتلاً فيب سبيلك لا يقول أحد : أنا غسلت أنا دفنت، فأصيب يوم اليمامة، فما أحد من المسلمين إلا عرف مصرعه غيره رضي الله عنه.
ولعل إطلاقاً الطائفة عليه تعظيماً له وستراً عليه وتبشيراً بتوبة غيره، ولعل مخشياً كان مؤمناً ولكن كان إيمانه مزلزلاً فلذا عبر هنا بقوله ) أكفرتم بعد إيمانكم ( والتعبير بذلك أشنع في الذم ولا سيما عند العرب لأنهم يتمادحون بالثبات على أيّ أمر اختاروه ويتذامون بالطيش، ولعل الجلاس المعنيّ بالقصة الآتية وحده أو مع غيره لم يكن آمن كغيره ممن عنى بها، وما آمن إلا حين تاب، فلذا عبر هناك بقوله :( وكفروا بعد إسلامهم ( ؛ قال أبو حيان : قال ابن عمر : رأيت وديعة بن ثابت متعلقاً بحقب ناقة رسول الله ( ﷺ ) يماشيها والحجارة تنكته وهو يقول ) إنما كنا نخوض ونلعب ( والنبي ( ﷺ ) يقول :( أبالله وآياته ) - الآية.
ولما بين سبحانه افعالاً واقوالاً الطوائف من المنافقين - منهم من كان معه ( ﷺ ) في العسكر - هي في غاية الفساد، كان ذلك ربما اقتضى ان يسأل عن المختلفين لو خرجوا ما كان يكون حالهم ؟ فقال جواباًُ عن ذلك واستدلالاً على أن إجرام الذين لم يعف عنهم ما كان يكون حالهم ؟ فقال جواباً عن ذلك واستدلالاً على أن إجرام الذين لم يعف عنهم منهمو خلق لازم :( المنافقون والمنافقات ( اي الذين أظهروا الإيمان وابطنوا الكفران ) بعضهم ( ولما كان مرجعهم الجمود على الهوى والطبع والعادة والتقليد من التابع منهم للمتبوع، قال :( من بعض ) أي في صفة النفاق هم فيها كالجسد الواحد، أمورهم متشابهة في أقوالهم وافعالهم وجميع احوالهم، والقصد ان حالهم يضاد حال أهل الإيمان ولذلك بينه بقوله :( يأمرون بالمنكر ) أي مما تقدم من الخبال والإيضاع في الخلال وغير ذلك من سيء الخصال ) وينهون عن المعروف ( اي من ما يكون فيه تعظيم الإسلام وأهله، يبغون بذلك الفتنة ) ويقبضون أيديهم ) أي يحشون فلا ينفقون إلا وهم كارهون.
ولما كان كأن قيل : اما خافوا بذلك من معالجة العقاب ؟ أجاب بقوله :( نسوا الله ) أي الملك الأعلى الذي له الأمر كله ولا أمر لأحد معه، ويصلح ان يكون علة لما تقدم عليه ؛ ولما اقدموا على ذلك، سبب عنه قوله ) فنسبهم ) أي فعل بهم فعل الناسي لما استهان به بأن تركهم من رحمة، فكان ذلك الترك سبباً لحلول نقمته ؛ ولما


الصفحة التالية
Icon