صفحة رقم ٣٤٦
لأنه أوقع في باب العتاب وأقعد في استجلابالمصالح للمتاب :( كالذين ( اي حاصل ما مضى من أمركم أيها المنافقون أنكم مثل الذين ؛ ولما كان فاعل ما يذكر إنما هو بعض من مضى اثبت الجارّ فقال :( من قبلكم ) أي من الأمم اخالية، ثم شرع في شرح حالهم وذكر وجه الشبه فقال :( كانوا اشد منكم قوة ( لأن الزمان كان إذ ذاك أقرب إلى سن الشباب ) وأكثر أموالاً وأولاداً ( وهذا ناظر إلى قوله :( فلا تعجبك أموالهم ولا أولادهم ) فاستمعوا ( اي طلبوا المتاع والانتفاع في الدنيا بغاية الرغبة معرضين عن العقبى ) بخلاقهم ) أي نصيبهم الذي قدره الله وخلقه لهم، وكان الأليق بهم أن يتبلغوا به في السفر الذي لا بد منه إلى الآخره ) فاستمتعتم بخلاقكم ) أي كالمقتفين لآثارهم والقاصدين لنارهم ) كما استمتع ( وفي الإتيان بقوله :( الذين ( ولما كانوا لم يستغرقوا الزمن الماضي، أثبت الجارّ فقال :( من قبلكم بخلافكم ( ظاهراً غير مضمر تنبيه على ذمهم بقلة النظر لنفسهم المستلزم لقلة عقولهم حيث كانوا دونهم في القوة ابداناً وأموالاً وأولاداً لم يكفوا عن الاستمتاع والخوض خوفاً مما محق أولئك الأحزاب على قوتهم من العذاب من غير ان ينفعهم سبب من الأسباب ) وخضتم ) أي ذهبتم في أقوالكم وافعالكم خبطاً على غير ان سببسنن قويم ) كالذي ) أي كخوضهم الذي من الخوض فب الماء ولا يستعجل غلا في الباطل لأن التصرف في الحق إنما هو على ترتيب ونظام، وأمور الباطل إنما هي خوض، ومنه قوله ( ﷺ ) ) رب متخوض في مال الله له النار يوم القيامة ( ولما آذن هذا النظم لهم بالخسارة، حصل التشوف إلى عاقبة امرهم فأخبر عن ذلك بقوله :( اولئك ) أي البعداء من الخير، والظاهر أنه إشارة إلى الذين وصفهم بالشدة وكثرة الأموال والأولاد ) حبطت ) أي فسدت فبطلت ) اعمالهم في الدنبا ( اي بزوالها عنهم ونسان لذاتها ) والآخرة ( اي في الدار البااقية لأنهم لم يسعوا لها سعيها ؛ وزاد في التنبيه على بعدهم مما قصدوا لأنفسهم من النفع فقال :( وأولئك هم ) أي خاصة ) الخاسرون ) أي لا خاسر في الحقيقة غيرهم لأنهم خسروا خلاقهم في الدارين فخسروا أنفسهم فلا أخسر ممن تشبه بهم، ولعل في الالتفات إلى مقام الخطاب