صفحة رقم ٣٥٦
ينزل إلا إليه حتى إذا رغب في أمر رغب هو فيه من وجه ولا يقول : هذا إنما أنزل في كذا، وغذا رهب القرآن من أمر رهبه من وجه ماظن وإذا أعلى فكذلك وإذا أسفل فكذلك، ولا يقول : هذا إنما أنزل في كذا حتى يجد لكل حتى يجد لكل القرآن موقعاً في عمله أيّ عمل كان ومحلاً في نفسه أيّ حال كان ومشعراً لقلبه أيّ ملحظ كان، فيستمع القرآن بلاغاً من الله سبحانه وتعالى إليه بلا واسطة بينه وبينه، فعند ذلك يوشك أن يكون ممن يقشعر له جلده ابتداء ثم تلين له جلده وقلبه انتهاء، وربما يجد من الله سبحانه وتعالى نفخ رحمة يفتح له باباً إلى التخلق بالقرآن أسوة بالنبي ( ﷺ ) سئلت عائشة رضي الله عنها عن خُلق رسول الله ( ﷺ ) فقالت، كانخُلق القرآن وبذلك هو ذو الخلق العظيم - والله واسع عليم - انتهى.
التوبة :( ٧٠ - ٧١ ) ألم يأتهم نبأ.....
) أَلَمْ يَأْتِهِمْ نَبَأُ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ قَوْمِ نُوحٍ وَعَادٍ وَثَمُودَ وَقَوْمِ إِبْرَاهِيمَ وِأَصْحَابِ مَدْيَنَ وَالْمُؤْتَفِكَاتِ أَتَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَمَا كَانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلَكِن كَانُواْ أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَآءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُوْلَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ ( ( )
ولما قرر سبحانه بهذه الآية تشابههم في التمتع بالعاجل، وختمها بهذا الختام المؤذن بالانتقام، اتبع ذلك بتخويفهم من متشابهنهم فيما حل بطوائف منهم ملتفتاً إلى مقام الغيبة لأنه أوقع في الهيبة، فقال مقرراً لخسارتهم :( ألم يأتهم ) أي هؤلاء الأخابث من أهل النفاق ) نبأ الذين من قبلهم ) أي خبرهم العظيم الذي هو جدير بالبحث عنه ليعمل بما يقتضيهة حين عصوا رسلنا ؛ ثم أبدل من ذلك قوله :( قوم نوح ) أي في طول اعمارهم وامتداد آثارهم وطيب قرارهم بحسن التمتع في أرضهم وديارهم، أهلكهم بالطوفان، لم يبق عن عصاتهم إنسان، وعطف على قوم القبيلة فقال ؛ ) وعاد ) أي في قوة أبدانهم وعظيم شأنهم ومصانعهم وبنيانهم وتجبرهم في عظيم سلطانهم، أهلكهم بالريح الصرصر، لم يبق ممن كفر منهم بشر ) ثمود ) أي في تمكنهم من بلاد الحجر عرضها وطولها، جبال ها وسهولها، أهلكوا بالرجفة لم يبق من الكفار منهم ديار ) قوم إبراهيم ) أي في ملك جميع الأرض بطولها والعرض، سلب الله منهم الملك بعد شديد الهلك ) وأصحاب مدين ) أي في جمع الأموال ومد الآمال إلى أخذها