صفحة رقم ٣٦٥
واجب في أموالهم فهم يتصدقون ويحبون إخفاء صدقاتهم - بما يشير إليه الإدغام ) من المؤمنين ) أي الراسخين في الإيمان ) في الصدقات ( ولما كان ما مضى شاملاً للموسر والمعسر، نص على المعسر لزيادة فضله وإشارة إلى أن الحث على قليل الخير كالحث على كثيره فقال عاطفاً على ) المطوعين ( :( والذين لا يجدون ) أي من المال ) إلا جهدهم ) أي طاقتهم التي اجهدوا وأنفسهم فيها حتى بلغوها.
ولما كان اللمز هو العيب، وهو ينظر إلى الخفاء كالغمز، ومادته بكل ترتيب تدور على اللزوم، والمعنى : يلزمون المطوعين عيباً ولا يظهرون ذلك لكل أحد وإنما يتخافتون به فيما بينهم، وهو يرجع إلى الهزء والسخرية، سبب عنه قوله :( فيسخرون منهم ( ولما كان لا شيء أعظم للشخص من أن يتولى العظيم الانتقام له ظالمه، قال :( سخر الله ( اي وهو الذي له الأمر كله ولا أمر لغيره ) منهم ) أي جازهم على فعلهم بأهل حزبه، وزادهم قوله :( ولهم عذاب أليم ) أي بما كانوا يؤلمون القلوب من ذلك وإذا حوققوا عليه دفعوا عن أنفسهم ما يردعهم عنه بالإيمان الكاذبة، روى البخاري في التفسير عن أبي مسعود رضي الله عنه قال : لما أمرنا بالصدقة كنا نتحامل، فجاء أبو عقيل بنصف صاع، وجاء إنسان بأكثر منه، فقال المنافقون : إن الله لغني عن صدقة هذا، وما فعل هذا الآخر إلا رياء، فنزلت ) الذين يلمزون ( - الآية ولما كان ( ﷺ ) معروفاً بكثرة الاحتمال وشدة المشير إليه ) عفا الله عنك لم اذنت لهم ( للمبالغة في استجلابهم والحرص على نجاة جميع الخلق فكان معروفاً بالاستغفار لهم تارة على وجه الخصوص بسؤالهم عند اعتذارهم وحلفهم وتارة على وجه العموم عند استغفاره لجميع المسلمين، اخبره تعالى من عاقبة أمره بما يزهده منهم ليعرض عنهم اصلاً ورأساً، لأنهم تجاوزوا حق الله في ترك الجهاد ومنع الصدقة وحقه صلى الله هليه وسلم في لمزه في الصدقات ووصفه بما يجل عنه إلى حقوق المجاهدين الذين هو سبحانه خليفتهم في أنفسهم وأهليهم وأموالهم مع ما سبق في علمه للمنافقين من أنه لا يغفرلهم خليفتهم في أنفسهم وأهليهم وأموالهم مع ما سبق في علمه للمنافقين من أنه لا يغفر لهم فقال :( استغفر ) أي اطلب الغفران ) لهم أو لا تستغفر لهم ) أي استوى في أمرهم استغفارك لهم وتركه ) إن تستغفر ( اي تسأل الغفران ) لهم سبعين مرة ) أي على سبيل الحقيقة أو المبالغة ؛ ولما كان الإخبار باستواء الأمرين : الاستغفار وتركه ربما كان مسبباً عن الغفران وربما كان مسبباً عن الخسران، عينه في هذا الثاني فقال :( فلن يغفر الله ( اي الذي قضى بشقائهم وهو الذي لا يرد أمره ) لهم ( وهو يحتمل أن يكون جواباً للأمر، وجواب الشرط محذوف لدلالته عليه، والمراد بالسبعين على ما ظهر في المآل