صفحة رقم ٣٦٧
الذي ألبسه، قال ابن عيينة : كانت له عند النبي ( ﷺ ) يد فأحب أن يكافئه، وفي رواية عنه في اللباس أنه قال : أتى النبي ( ﷺ ) ابن أبيّ بعد ما أدخل قبره فأمر به رضي الله عنه على ركبتيه ونفث عليه من ريقه وألبسه قميصه - انتهى.
فكأن ابنه رضى الله عنه استحى من أن يؤذن النبي صلى اله عليه وسلم به لما كان يعلم من نفاقه، أو آذنه ( ﷺ ) به فصادف منه شغلاً فدفنه فجاء رسول الله ( ﷺ ) بعد إدخاله القبر وقبل تمام الدفن فأخرجه تطييباً لخاطر ابنه الرجل الصالح ودفعاً لما قد يتوهمه من إحنة عليه وتأليفاً لغيره، قد روي أنه قال ( ﷺ ) : إني أؤمل من الله أن يدخل في الإسلام كثير بهذا السبب، فأسلم ألف من الخزرج لما رأوه طلب الاستشفاء بثوب النبي ( ﷺ ) ففي بعض الروايات انه هو الذي طلب من النبي صلى الله لعيه وسلم أن يكفنه في قميصه، وتعطفه عليه، أدعى إلى تراحم المسلمين وتعاطف بعضهم على بعض، وقوله : وألبسه قميصه - بالواو لا ينافي الرواية الأولى، وتحمل الرواية الأولى على أنه وعده إعطاء القميص لمانع كان من التنجيز وقت السؤال، فحمل الجزم بالإعطاء على الوعد الصادق ثم أنجزه بعد إخراجه من القبر - والله أعلم ؛ ووردت هذه الآية أو لحق الرسول صلى اله عليه وسلم، ولم يرد فيه أنه يهينهم بالإماتة على النفاق، فكان يكفي فيه استغفار لهم ؟ فكأنه قيل : استوى الاستغفار وعدمه في أنه لا ينفعهم، وختمها بعلة عدم النغفرة في قوله :( ذلك ) أي الأمر الذي يبعد فعله من الحكيم الكريم ) بأنهم كفروا بالله ) أي وهو الملك الأعظم ) ورسوله ) أي فهم لا يستأهلون الغفران لأنهم لم يهتدوا لإصرارهم على الفسق وهو معنى قائم بهم في الزيادة على السبعين كما هو قائم بهم في لاقتصار على السبعين ) والله ) أي المحيط علماً وقدرة ) لا يهدي القوم الفاسقين ) أي أنه لا يهديهم لأنه جبلهم على الفسق، وكل من لا يهديه لأنه جلبه على الفسق لا يغفر له، فهو لا يغفر لهم لما علم منهم مما لا يعلمه غيره، فهو تمهيد لعذر النبي ( ﷺ ) في استغفاره قبل العلم بالطبع الذي لا يمكن معه رجوع.
التوبة :( ٨١ - ٨٥ ) فرح المخلفون بمقعدهم.....
) فَرِحَ الْمُخَلَّفُونَ بِمَقْعَدِهِمْ خِلاَفَ رَسُولِ اللَّهِ وَكَرِهُواْ أَن يُجَاهِدُواْ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَقَالُواْ لاَ تَنفِرُواْ فِي الْحَرِّ قُلْ نَارُ جَهَنَّمَ أَشَدُّ حَرّاً لَّوْ كَانُوا يَفْقَهُونَ