صفحة رقم ٣٧٠
والكفران وغيرها قال :( أول مرة ) أي في غزوة تبوك، ومن فاتنا يكفيه أنا نفوته ؛ قال أبو حيان : فعلل بالمسبب وهو الرضى الناشىء عن السبب وهو النفاق - انتهى.
ولما أنهى الحكم والعلة، سبب عنه قوله :( فاقعدوا مع الخالفين ) أي الذين رضوا لأنفسهم بهذا الوصف الذي من جملة معنيه : الفاسد فهم لا يصلحون لجهاد ولا يلفون أبداً في مواطن الامجاد، وقال بعضهم : المراد بهم الذين تخلفوا بغير عذر في غزوة تبوك، أو النساء والصبيان أو أدنياء الناس أو المخالفون أو المرضى والزمنى أو أهل الفساد، والأولى الحمل على جميع، أي لأن المراد تبكيتهم وتوبيخهم، ولما أتم سبحانه سبباً لترك الصلاة على الشهيد تشريفاً له، جعل الموت الواقع في القعود المرضي به عن الجهاد سبباً لترك الصلاة إهانة لذلك القاعد، فقال عاطفاً عاى ما أفهمت جملة :( استغفر لهم أو لا تستغفر لهم ( الآية، من نحو : فلا تستغرق لهم أصلاً :( ولا تصلِّ ) أي الصلاة التي شرعت لتشريف لبمصلى عليه والشفاعه فيه ) على أحد منهم ( ثم وصف الأحد بقوله :( مات ( وقوله ) أبداً ( متعلق بالنهي لا بالموت ) ولا تقم علىقبره ) أي لأن قيامك رحمة وهم غير أهل لها، ثم علل ذلك بقوله :( إنهم كفروا بالله ) أي الذي له العظمة كلها ولما كان الموت على الكفر مانعاً من الصلاة على الميت بجميع معانيها لم يحتج إلى التأكد ياعادة الجار فقبل - :( ورسوله ) أي الذي هو أعظم الناس نعمة عليهم بما له من نصائحهم بالرسالة، والمعنى أنهم لعظم ما أرتكبوا من ذلك لم يهدهم الله فاستغفر على الضلالة حتى ماتوا على صفة من وقع النهي على الاستغفار لهم المشار إليها بقوله ) والله لا يهدي القوم الفاسقين ( وذلك المارد من قوله معبراً بالماضي والمعنى على المضارع تحقيقاً للخبر وأنه واقع لا محالة :( وماتوا وهم ) أي والحال أنهم بضمائرهم وظواهرهم ) فاسقون ) أي غريقون في الفسق.
ولما كان ابن ابيّ سبب النهي عن الاستغفار لهم، وكان ابنه عبد الله بن عبد الله من خيار المؤمنين وخلص المحسنين وكان لبعض المنافقين انباء مثله، وكان من طبع البشر أن يذكر في كثير من مقاله غلطاً ما يندم عليه، وكان شديد الوقوف لما حف به من العلائق البدنية وشمله من العووائق بالأوهام النفسانية مع أوهامع وعوائقه قاصراً على قيوده وعلائقه، فكان لإعادة الكلام وتكريره وترديده ومزيد تقريره تأكيد في النفوس وتعزية وتثبيت في القلوب، كرر آية الإعجاب لهذه الأسباب لأن يكون حكمها على بال من المخاطب لا ينساه لاعتقاد ان العمل به مهم جداً يفتقر إلى فضل عناية، وأن ذلك شبيه بما أوهم صاحبه فهو يتكلم فيه ثم ينتقل إلى غيره لغرض صحيح ثم يرجع إليه في أثناء