صفحة رقم ٣٧٦
ثم شرع يخبر عن أشياء تقع منهم عند الرجوع دلالة على أن هذا كلامه وأنه عالم بالمغيبات كليها وجزئيها، يعلم ما كان وما يكون وما لم يكن لو كان كيف كان يكون، فقال مبيناً لعدم علمهم :( يعتذرون ) أي يثبتون الأعذار لأنفسهم : وأشار إلى بعدهم بالقلوب بقوله :( إليكم ( اي عن التخلف ) إذا رجعتم إليهم ) أي من هذه الغزوة، كأنه قيل : فماذا يقال في جوابهم ؟ فقال للرأس الذي لا تأخذه في الله لومة لائم :( قل لا تعتذرون ) أي فإن أعذاركم كاذبة، ولذلك علل النهي بقوله :( لن نؤمن لكم ( اي نصدقكم في شيء منها، ثم علل عدم تصديقهم بماأوجب لهم القطع بذلك فقال :( من نبأنا الله ) أي اعلمنا الملك الذي له الإحاطة الكاملة بكل شيء غعلاماً جليلاً ) من أخباركم ( اي التي ظننتم جهلاً بالله انها تخفى فقد علمناها ؛ ثم هددهم بقوله :( وسيرى الله ) أي لأنه عالم بكل شيء وإن دق قادر على كل شيء ) عملكم ) أي بعد ذلك اتتبينون أم تثبتون على حالكم هذا الخبيث كما رأى الذي قبل ) ورسوله ) أي بمايعلمه به سبحانه وحياً أو تفرساً، ولما كان الكلام في لمنافقين، فكانت ارؤية لنفاقهم الذي يجتهدون في إخفائه، وكان المؤمنون لا اطلاع لجميعهم عليهم، لم يذكرهم بخلاف من ياتي بعد فإنهم مؤمنون.
ولما كان هذا ربما أوهمهم انه لا يعلم إلا ما أوقعوه بالفعل، نفى ذلك بإظهار وصفه في موضع افضمار مهدداً بقوله مشيراً بأداة التراخي إلى استبعادهم لقيامهم إلى معادهم :( إلى عالم الغيب ( وهو ما غاب عن الخلق ) والشهادة ( وهو ما اطلع عليه أحد منهم.
فصار بحيث يطلعون عليه وهذا ما غاب عن الخلق ) والشهادة ( وهو ما اطلع عليع أحد منهم.
فصار بحيث يطلعون عليه وهذا ترجمة عن الذي يعلم الشيء قبل كونه ما يعلم بعد كونه ) فينبئكم ) أي يخبركم إخباراً عظيماً جليلاً مستوعباً ) بما كنتم ) أي بجبلاتكم ) تعلمون ) أي مما أبرزتموه إلى الخارج ومما كان في جبلاتكم، ولو تأخرتم لبرز، وهو تهديد عظيم، ووقع تربيتهم للاعتذار على الأسهل فالأسهل على ثلاث مراتب : الأولى مطلق الاعتذار وقد مضى ما فيها ؛ الثانية تأكيد ذلك بالحلف للإعراض عنهم فقال سبحانه :( سيحلفون بالله ) أي الذي لا أعظم منه ) لكم إذا انقليتم إليهم ) أي جهد إيمانهم أنهم كانوا معذورين في التخلف كذباً منهم إرادة أن يقبلوا قلوبكم عما اعتقدتم فيهم ) لتعرضوا عنهم ) أي إعراض الصفح عن معاتبتهم


الصفحة التالية
Icon