صفحة رقم ٣٨٣
ندموا هلى التخلف عنك فحلفوا : لا يطلقهم إلا أنت، فقال : وأنا أطلقهم حتى أومر بذلك، فأنزل الله سبحانه وتعالى هذه الآيات فقالوا : يارسول الله هذه أموالنا التي خلفتنا عنك فتصدق بها فقال : ما أمرت بذلك، فلما أنزل الله هذه الآية أخذ الثلث فتصدق به.
ولما ساق توبتهم سبحانه في حيز ) عسى (، وكان الأصل فيها الترجمة في المحبوب والإشفلق في المكروه، وأمر سبحانه بالأخذ من أموالهم لذلك، وكان إخراج المال شديداً على النفوس لا سيما في ذلك الزمان، كان ربما استوقف الشيطان من لم يرسخ قدمه في الإيمان عن التوبة وما يترتب عليها من الصدقة لعدم الجزم بأنها تقبل، فأتبع ذلك سبحانه بقوله :( ألم تعلموا ) أي المعترفون بالذنوب حتى تسمح أنفسهم بالصدقة أو غيرهم حتى يرغبوا في التوبة والصدقة ) أن الله ) أي الذي له الكمال كله ) هو ) أي وحده ) ويأخذ ) أي يقبل ) التوبة ( تجاوزاً ) عن عبادة ( اي التائبين المخلصين ) ويأخذ ) أي يقبل قبول الآخذ لنفسه ) الصدقات ) أي ممن يتقرب بها إليه بنية خالصة ) وأن الله ) أي المحيط بصفتي الجلال والإكرام ) هو ) أي وحده ) التواب الرحيم ( اي لم يزل التجاوز والإكرام من شأنه وصفته، وفي ذلك إنكار على غيرهم من المختلفين في كونهم لم يفعلوا مثل فعلهم من الندم الحامل على أن يعذبوا أنفسهم بالإيثاق في السواري ويقربوا بعض أموالهم كما فعل هؤلاء أو نحو ذلك مما يدل على الاعتراف والندم.
التوبة :( ١٠٥ - ١٠٨ ) وقل اعملوا فسيرى.....
) وَقُلِ اعْمَلُواْ فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ وَسَتُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ وَآخَرُونَ مُرْجَوْنَ لأَمْرِ اللَّهِ إِمَّا يُعَذِّبُهُمْ وَإِمَّا يَتُوبُ عَلَيْهِمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ وَالَّذِينَ اتَّخَذُواْ مَسْجِداً ضِرَاراً وَكُفْراً وَتَفْرِيقاً بَيْنَ الْمُؤْمِنِينَ وَإِرْصَاداً لِّمَنْ حَارَبَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ مِن قَبْلُ وَلَيَحْلِفَنَّ إِنْ أَرَدْنَا إِلاَّ الْحُسْنَى وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ لاَ تَقُمْ فِيهِ أَبَداً لَّمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَى مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ أَحَقُّ أَن تَقُومَ فِيهِ فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَن يَتَطَهَّرُواْ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ ( ( )
ولما أمره من تطهيرهم بما يعيدهم إلى ما كانوا عليه قبل الذنب، عطفعلى قوله ) خذ ( قوله تحذيراً لهم من مثل ما وقعوا فيه :( وقل اعلموا ( اي بعد طهارتكم ) فسيرى الله ) أي الذي له الإحاطة الكاملة ) عملكم ) أي بما له من إحاطة العلم


الصفحة التالية
Icon