صفحة رقم ٣٩٣
بعد ما تبين لهم ) أي بموتهم على الشرك وإنزال هذه الآية للختم بالتخصيص بالجنة ) أنهم أصحاب الجحيم ) أي لا أهلية لهم لجنة.
فإن الاستغفار معناه محو الذنوب حتى ينجو صاحبها من النار ويدخل الجنة وما ينبغي لهم أن يكون لهم إليهم التفات فإن ذلك ربما جر إلى ملاينة تفتر عن القتال الواقع عليه المبايعة، فما ينبغي إلا محض المقاطعة والمخاشنة والمنازعة.
وتقييد النهي بالتبيين يدل على جواز الدعاء للحي فإن القصد بالاستغفار الإقبال به إلى الإيمان الموجب للغفران.
ولما أنكر أن يكون لهم ذلك.
وكان الخليل عليه السلام المأمور بالاقتداء به واللزوم بملته قد استغفر لأبيه، بين أنه كان أيضاً قبل العلم بما في نفس الأمر من استحقاقه للتأبيد في النار، فقال دالاً بواو العطف على التقدير : فما استغفرلهم بعد العلم أحد من المؤمنين :( وما كان استغفار إبراهيم ) أي خليل الله ) لأبيه ) أي بعد أن خالفه في الدين ) ث ( إلا عن موعده أي وهي قوله
٧٧ ( ) لأستغفرن لك وما أملك لك من الله من شيء ( ) ٧
[ الممتحنة : ٤ ] وأكد صدور الوعد بقوله :( وَعَدَها إياه ) أي الخليل لأبيه قبل أن يعلم أنه أبدى الشقاوة، والذي يدل على أنه كان قبل علمه بذلك قوله :( فلما تبين له ( اي بياناً شافياً قاطعاً ) أنه عدو لله ) أي الملك الأعلى أنهمؤبد العداوة له بموته على الكفر أو بالوحي بأنه يموت عليه ) تبرأ ( اي أكره نفسه على البراءة ) منه ( ثم علل ما أفهمته صيغة التفعل من الشفقة على العباد ؛ قال الزجاج : والتأوه أن يسمع للصدر صوت من تنفس الصعداء ) حليم ) أي شديد التحمل والأغضاء عن المؤذى له، هكذا خلقه في حد ذاته فكيف في حق أبيه ولو قال له
٧٧ ( ) لأرجمنك واهجرني ( ) ٧
[ مريم : ٤٦ ] وأضعاف ذلك ؛ قال الإمام أبو محمد إسحاق بن إبراهيم بن إسماعيل البستي القاضي في تفسيره : حدثنا حرملة الله مسعود رضي الله عنه ( ان رسول الله ( ﷺ ) خرج يوماً وخرجنا معه حتى انتهى إلى المقابر فأمرنا فجلسنا ثم تخطى القبور حتى انتهى إلى قبر منها فجلس إليه فناجاه طويلاً ثم ثم ارتفع نجيب رسول الله ( ﷺ ) باكياً فبكينا لبكاء رسول الله ( ﷺ )، ثم أن النبي ( ﷺ ) أقبل إلينا فتلقاه عمر بن الخطاب رضي الله عنه فقال : ما الذي أبكاك يا نبي الله فقد فقد ابكانا وأفزعنا، فأخذ بيد عمر رضي الله عنه ثم أقبل إلينا فأتيناه فقال :( أفزعكم بكائي ؟ ( قلنا : نعم يا رسول الله قال :( إن القبر الذي رأيتموني أناجي قبر آمنة بنت وهب وإني استأذنتربي في الاستغفار لها فلم ياذن لي ونزل عليّ ) ما كان للنبي والذين ىمنوا ان يستغفروا


الصفحة التالية
Icon