صفحة رقم ٤٠٥
بالرجس فقال :( فزادهم رجساً ) أي اضطراباً موجباً للشك، وزاد الأمر بياناً بأن المراد المجاز بقوله :( إلى رجسهم ) أي شكهم الذي كان في غيرها ) وماتوا ) أي واستمر بهم ذلك لتمكنه عندهم إلى أن ماتوا ) وهم كافرون ) أي عريقون في الكفر، وسمي لبشك في الدين مرضاً لأنه فساد في الروح يحتاج إلى علاج كفساد البدن في الاحتياج، ومرض القلب أعضل، وعلاجه أعسر وأشكل، ودواءه أعز وأطباؤه أقل.
ولما زاد الكفار بالسورة رجساً من أجل كفرهم بها، كانت كأنها هي التي زادتهم، وحسن وصفها بذلك كما حسن : كفى بالسلامة داء، وكما قال الشاعر.
ارى بصري قد رابني بعد نصحه وحسبك داء أن تصح وتسلما
قاله الرماني، فالمؤمنون يخبرون عن زيادة إيمانهم وهؤلاء يخبرون عن عدمه في وجدانهم، فهذا موجب شكهم وتماديهم في غيهم وإفكهم، ولو أنهم رجعوا إلى حاكم العقل لأزال شكهم وعرفهم صدق المؤمنين بالفرق بين حالتيهم، فإن ظهور الثمرات مزيل للشبهات، والآية من الاحتباك : إثبات الإيمان أولاً دليل على حذف ضده ثانياً، وإثبات المرض ثانياً دليل على حذف الصحة أولاً.
التوبة :( ١٢٦ - ١٢٩ ) أو لا يرون.....
) أَوَلاَ يَرَوْنَ أَنَّهُمْ يُفْتَنُونَ فِي كُلِّ عَامٍ مَّرَّةً أَوْ مَرَّتَيْنِ ثُمَّ لاَ يَتُوبُونَ وَلاَ هُمْ يَذَّكَّرُونَ وَإِذَا مَآ أُنزِلَتْ سُورَةٌ نَّظَرَ بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ هَلْ يَرَاكُمْ مِّنْ أَحَدٍ ثُمَّ انصَرَفُواْ صَرَفَ اللَّهُ قُلُوبَهُم بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لاَّ يَفْقَهُون لَقَدْ جَآءَكُمْ رَسُولٌ مِّنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَّحِيمٌ فَإِن تَوَلَّوْاْ فَقُلْ حَسْبِيَ اللَّهُ لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَهُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ ( ( )
ولما كان التقدير تسبيباً عما جزم به من الحكم بعراقتهم في الرجس وازديادهم منه : أفلا يرون إلى تماديهم في النفاق وثباتهم عليه ؟ عطف عليه تقريرهم بعذاب الدنيا والإنكار عليهم في قوله :( أولا يرون ( اي المنافقون، قال الرماني : والرؤية هنا قلبية لن رؤية العين لا تدخل على الجملة لأن الشيء لا يرى من وجوه مختلفة ) أنهم ) أي المنافقين ؛ ولما كان مطلق وقوع الفتنة من العذاب، بنى للمفعول قوله :( يفتنون ) أي يخالطون من حوادث الزمان ونوازل الحدثان بما يضطرهم إلى بيان أخلاقهم بإظهار سرائرهم في نفاقهم ) في كل عام ) أي وإن كان الناس أخصب ما يكونون وأرفعه عيشاً