صفحة رقم ٤١٧
دون الفضل ليفهم أن ترك الحشو مخل بالعمل الذي هو محط الحكمةالتي هي اعظم مصالح السورة، والجزاء : الإعطاء بالعمل ما يقتضيه العمل لم يكن جزاء مطلقاً والقسط : العدل ) والذين كفروا ( اي أوجدوا هذا الوصف ) لهم ) أي في الجزاء على جهة الاستحقاق ) شراب من حميم ( اي مسخن بالنار أشد الإسخان ) عذاب أليم ) أي بالغ الإيلام ) بما كانوا ( اي جبلة وطبعاً ) يكفرون ( فإن عذابهم من أعظم نعيم المؤمنين الذين عادوهم فيه سبحانه
٧٧ ( ) فاليوم الذي من آمنوا من الكفار يضحكون على الأرائك ينظرون هل ثوب الكفار ما كانوا يفعلون ( ) ٧
[ سورة المطففين : ٣٤ - ٣٦ ] وكأنه قال :( يبدأ ( مضارعاً لا كما قال في آية أخرى
٧٧ ( ) كما بدأكم تعودون ( ) ٧
[ الأنفال : ٢٩ ] حكاية للحال وتصويراً لها تنبيهاً على تأمل ما يتجدد إنشاءه ليكون أدعى لهم إلى تصور القدرة على الإعادة ؛ قال الروماني : وقد تضمنت الآية البيان عما يوجبه التمكين في الدنيا من تجديد النشأة للجزاء لأنه لا بد - مع التمكين من الحسن والقبيح - من ترغيب وترهيب لا يؤمن معه العذاب على الخلود ليخرج المكلف بالزجر عن القبيح عن حال الإباحة له يرفع التبعة عليه - انتهى.
فقد لاح بما ذكر ما تعين في اثناء السورة بتكريره لتوضيحه وتقريره - أن مقصودها وصف الكتاب بما يدل قطعاً على أنه من عنده سبحانه وبإذنه، لأنه لا غائب من علمه ولا مدني لقدرته ولا مجترء على عظمته، وأنه تام القدرة متفرد بالخلق والأمر فهو قادر على الإعادة كما قدر على الابتداء، وأن المراد بالكتاب البشارة والنذارة للفوز عند البعث والنجاة من غوائل يوم الحشر مع أنه سبحانه نافذ القضاء، فلا تغنى الآيات والدلالات البينات عمن حكم بشقاوته وقضى بغوايته، وأن ذلك من حكمته وعدله فيجب التسليم لأمره وقطع الهمم عن سواه ؛ ثم شرع سبحانه يقرر امر بدئه للخلق وغعادته في سياق مذكر بالنعم التي يجب شكرها، ويسمى المعرض عن شكره كافراً فقال :( هو ) أي غيره ) الذي جعل ) أي بما هيأ من الأسباب ) الشمس (.
ولما كان النور كيفية قابلة للشدة والضعف، خالف سبحانه في الأسماء مما يدل على ذلك فقال نور الشمس ) ضياء ( اي ذات نور قوي ساطع وقدها منازل، هكذا التقدير، لكن لما كانت في تقلبها بطيئة بالنسبة إلى القمر ذكره دونها فقال :( والقمر ) أي وجعل القمر ) نوراً ) أي ذا نور من نورها ) وقدره ) أي وزاده عليها بأن قدره مسيرة ) منازل ( سريعاً يقبله فيها، وباختلاف حاله في زيادة نوره ونقصانه تختلف أحوال الرطوبات والحرارات التي دبر الله بها هذا الوجود - إلى غير ذلك من الأسرار التي هي فرع وجود الليل والنهار ) لتعلموا ( بذلك علماً سهلاً ) عدد السنين ( أي