صفحة رقم ٤١٩
بإيجاد كل من الملوين بعد إعدامهفي قوله - مؤكداً له لإنكارهم أن يكون في ذلك دلالة :( إن في اختلاف الليل ) أي على تباين اوصافه ) والنهار ( اي كذلك ) وما ( اي وفيما ) خلق الله ) أي الذي له الإحاطة الكاملة ) في السموات والأرض ( من أحوال السحاب والأمطار وما يحدث من ذلك الخسف والزلازل والمعادن والنبات والحيونات وغير ذلك من أحوال الكل التي لا يحيط البشر بإحصائها ؛ لما أشار إلى ذلك ختمها بقوله :( لآيات ) أي دلالات بينة جداً ) لقوم يتقون ) أي أن من نظر في هذا الاختلاف وتأمل فيتقي الله ليعلمه قطعاً بأن أهل هذه الدار غير مهملين، فلا بد لهم من أمر ونهي وثواب وعقاب ؛ والاختلاف : ذهاب كل من الشيئين في غير جهة الآخر، فاختلاف الملوين : ذهاب هذا في جهة الضياء وذاك في جهة الظلام ؛ والليل : ظلام من غروب لشمسإلى طلوع الفجر الثاني إلى غروب الشمس ؛ والخلق : فعل الشيء على ما تقتضيه الحكمة، وأصله التقدير ؛ ونبه بما خلق في السماوات والأرض على وجوه الدلالات.
لأن الدلالة في الشيء قد تكون من جهة خلقه أو اختلاف صورته أو حسن منظره أو كثرة نفعه أو عظم امره أو غير ذلك.
ولما أُشير بالآية إلى انقراض الدنيا بأن الحادث لا ثبات له، وقام الدليل القطعي على المعادن، ناسب تعقيبهابعيب من اطمأن إليها في سياق مبين أن سبب الطمأنيية إنكار الطمأنينة اعتقاداً أو حالاً ؛ ولما كانت ختم تلك ب ) يتقون ( لاح ان ثمّ من يتقى ومن لا يتقي ؛ ولما كان الغرور اكثر، بدأ به تنفيراً عن حاله، لأن درء المفاسد أولى من جلب المصالح، فقال مؤكداً لأجل إنكارهم :( إن الذين ( ولما كان الخوف والرجاء معدن السعادة، وكان الرجاء اقرب إلى الحث على الإقبال، قال مصرحاً بالرجاء ملوحاً إلى الخوف :( لا يرجون لقاءنا ( بالعبث بعد الموت ولا يخافون ما لنا من العظمة ) ورضوا ) أي عوضاً عن الاخرة ) بالحياة الدنيا ) أي فعملوا لها عمل المقيم فيها مع ما إشتملت عليه مما يدل على حقارتها ) واطمأنوا ( إليها مع الرضى ) بها ( طمأنينة من لا يزعج عنها مع ما يشاهدونه مع سرعة زوالها ) والذين هم ) أي خاصة ) عن آياتنا ) أي على ما لها من العظمة لا عن غيرها من الأحوال الدنّية الفانية ) غافلون ( اي غريقون في الغفلة، وتضمن قوله تعالى استئنافاً :( أولئك ( اي البعداء البغضاء ) مأوهم النار


الصفحة التالية
Icon