صفحة رقم ٤٢٤
لأنهم ينكرون أن هلاكهم لأجل ظلمهم :( ولقد أهلكنا ) أي بما لنا من العظمة ) القرون ) أي على ما لهم من الشدة والقوة ؛ ولما كان المهلكون هلاك العذاب المستأصل بعض من تقدم، أثبت الجار فقال :( من قلبكم لما ظلموا ) أي تكامل ظلمهم إهلاكاً عم آخرهم وأولهم كنفس واحدة دفعاً لتوهم أنه سبحانه لا يعم بالهلاك، وقال تعالى عطفاً على ) أهلكنا ( :( وجآءتهم رسلهم ) أي إلى كل أمة رسولها ) بالبينات ) أي التي بينت بمثلها الرسالة ) وما ) أي والحال أنهم ما ) كانوا ) أي بجبلاتهم، وأكد النفي بمن ينكر أن يتأخر إيمانهم عن البيان فقال :( ليؤمنوا ( ولو جاءتهم كل آيى، تنبيهاً لمن قد يطلب أنه سبحانه يريهم بوادر العذاب أو ما اقترحوه من الآيات ليؤمنوا، فبين سبحانه أن ذلك لا يكون سبباً لإيمان من قضى بكفره، بل يستوي في التكذيب حاله قبل مجيء الأيات وبعدها ليكون سبباً لهلاكخ.
فكأنه قيل : هل يختص ذلك بالأمم الماضية ؟ فقيل : بل ) كذلك ( اي مثل ذلك الجزاء العظيم ) نجزي القوم ) أي الذين لهم قوة على حاولة ما يريدونه ) المجرمين ( لأن السبب هو العراقة فيما لا يتخلص منه من العذاب ؛ والقرن : أهل العصر لمقارنة بعضهم لبعض.
ولما صرح بأن ذلك عام مجرم، أتبعه قوله :( ثم جعلناكم ) أي أيها المرسل إليهم أشرف رسلنا ) خلائف في الأرض ) أي لا في خصوص ما كانوا فيه : ولما كان زماننا لم يستغرق ما بعد زمان المهلكين أدخل الجار فقال :( من بعدهم ( اي القرونوإنما ذلك لنراه في عالم الشهادة لإقامة الحجة ) كيف تعملون ( فيتعلق نظرنا باعمالكم موجودة تخويفاً للمخاطبين من أن يجرموا فيصيبهم ما أصاب من قبلهم.
يونس :( ١٥ - ١٧ ) وإذا تتلى عليهم.....
) وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ قَالَ الَّذِينَ لاَ يَرْجُونَ لِقَآءَنَا ائْتِ بِقُرْآنٍ غَيْرِ هَذَآ أَوْ بَدِّلْهُ قُلْ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أُبَدِّلَهُ مِن تِلْقَآءِ نَفْسِي إِنْ أَتَّبِعُ إِلاَّ مَا يُوحَى إِلَيَّ إِنِّي أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ قُل لَّوْ شَآءَ اللَّهُ مَا تَلَوْتُهُ عَلَيْكُمْ وَلاَ أَدْرَاكُمْ بِهِ فَقَدْ لَبِثْتُ فِيكُمْ عُمُراً مِّن قَبْلِهِ أَفَلاَ تَعْقِلُونَ فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِباً أَوْ كَذَّبَ بِآيَاتِهِ إِنَّهُ لاَ يُفْلِحُ الْمُجْرِمُونَ ( ( )