صفحة رقم ٤٣٤
وُجُوهُهُمْ قِطَعاً مِّنَ الْلَّيْلِ مُظْلِماً أُوْلَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ وَيَوْمَ نَحْشُرُهُمْ جَمِيعاً ثُمَّ نَقُولُ لِلَّذِينَ أَشْرَكُواْ مَكَانَكُمْ أَنتُمْ وَشُرَكَآؤُكُمْ فَزَيَّلْنَا بَيْنَهُمْ وَقَالَ شُرَكَآؤُهُمْ مَّا كُنتُمْ إِيَّانَا تَعْبُدُونَ فَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيداً بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ إِن كُنَّا عَنْ عِبَادَتِكُمْ لَغَافِلِينَ ) ٧٣
( ) ٧١
ولما قرر سبحانه هذه الآيات التي حذر فيها من أنواع الآفات، بين أن الدار التي رضوا بها وأطمأنوا إليها دار المصائب ومعدن الهلكات والمعاطب وأنها ظل زائل تحذيراً منها وتنفيراً عنها، بين تعالى ان الدار التي دعا إليها سالمه من كل نصب وهم ووصب، ثابته بلا زوال، فقال تعالى عاطفاً على قوله ) إن ربكم الله الذي خلق السموات والأرض ( ترغيباً في الآخرة وحثاً عيها :( والله ) أي الذي له الجلال والإكرام ) يدعوا ) أي يعلق دعاءه على سبيل التجدد والاستمرار بالمدعوين ) إلى دار السلام ( عن قتادة انه سبحانه أضافها إلى اسمه تعظيماً لها وترغيباً فيها، يعني بأناه لا عطب فيها أصلاً، والسلامة فيها دائمة، والسلام فيها فاش من بعضهم على بعض ومن الملائكة وغيرهم ؛ والدعاء : طلب الفعل بما يقع لأجله، والدواعي إلى الفعل خلاف الصوارف عنه.
ولما أعلم - بالدعوة بالهداية بالبيان وأفهم ختم الآية بقوله :( ويهدي من يشاء ( اي بما يخلق في قلبه من الهداية ) غلى صراط مستقيم ( ان من الناس من يهديه ومنهم من يضله.
وأن الكل فاعلون لما يشاء - كان موضع أن يقال : هل هم واحد في جزائه كما هم واحد في الانقياد لمراده ؟ فقيل : لا، بل هم فريقان :( لذين أحسنوا ) أي الأعمال في الدنيا منهم وهم من هداه ) الحسنى ) أي الخصلة التي هي في غاية الحسن من الجزاء ) وزيادة ) أي عظيمة من فضل الله فالناس : مزيد خرجت هدايته من الجهاد
٧٧ ( ) والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا ( ) ٧
[ العنكبوت : ٦٩ ] ومراد خرجت هدايته من المشيئة، فالدعوة إلى الجنة يالبيان عامة، والهداية إلى الصارط خاصة لأنها الطرق إلى المنعم.
ولما كان النعيم لا يتم إلاّبالدوام بالأمن من المضار قال :( ولا يرهق ) أي يغشي ويلحق ) وجوهرهم قتر ) أي غبره كغيره الموت وكربة، وهو تغير في الوجه معه سواد وعبوسة تركيبها غلبة ) ولا ذلة ) أي كآبةوكسوف يظهر منه الاكسار والهوان.
ولماكانهذا واضحاً في أنهم اهل السعادة، وصل به قوله :( أولئك ) أي العالو الرتبة ) أصحاب الجنة ( ولما كانت الصحبة جديرة بالملازمة، صرح بها في قوله :( هم ) أي لا غيرهم ) فيها ( اي خاصة ) خالدون ) أي مقيمون لا يبرحون، لأنهم لا يريدون ذلك لطيبها ولا يراد بهم.


الصفحة التالية
Icon