صفحة رقم ٤٤٣
) وما كان ( عاطفاً له على قوله ) ما يكون لي أن أبدله ( إلى آخره، فهو حينئذ مقول القول، اي قل لهم ذاك الكلام وقل لهم ) ما كان ( اي قط بوجه من الوجوه، وعينه تعيناً لا يمكن معه لبس، فقال :( هذا القرآن ) أي الجامع لكل خير مع التأدية بأساليب الحكمة المعجزة لجميع الخلق ) أن يفترى ) أي أن يقع في وقت من الأوقات تعتمد نسبته كذباً إلى الله من أحد من الخلق كائناً من كان ؛ وعرف بتضاؤل رتبتهم دون شامخ رتبته سبحانه بقوله :( من دون الله ) أي الذي تقرر أنه يدبر الأمر كله، فما من شفيع إلا من بعدإذنه وما يعزب عنه شيءفسبحان المتفصل على عبادة بإيضاح الحجج وإزالة الشكوك والدعاء إلى سبل الرشاد مع غناه عنهم وقدرته عليهم ؛ والافتراء : الإخبار على القطع بالكذب، لأنه من فرى الأديم وهو قطعه بعد تفزيره.
ولما طكان إتيان الأمي - الذي لم يجالس عالماً - بالأخبار والقصص الماضية على اتحرير دليلاً قطعاً على صدق الآتي في ادعائه أنه لا معلم له إلا الله " عبر بأداة العناد فقال :( ولكن ) أي كان كوناً لا يجوز غيره ) تصديق الذي ) أي تقدم ) بين يديه ) أي قبله من الكتب، والدليل على تصادقه شاهد الوجود مع أن القوم كانوا في غاية العدواة له ( ﷺ ) وكان أهل الكتابين عندهم في جزيرة العلرب على غاية القرب منهم مع أنهم كانوا يتجرون إلى بلاد الشام وهم متمكنون من السؤال عن كل ما يأتي به، فلو وجدوا مغمراً ما لقدحوا به، فدل قدحهم على التصادق قطعاً.
ولما كان ذلك سلطاناً قاهراً ( ﷺ )، زاده ظهوراً بما اشتمل الكتاب الآتي به عليه من التفصيل الذي هو نهاية العلم فقال :( وتفصيل الكتاب ) أي الجامع المجموع فيه الحكم والأحكام وجوامع الكلام من جميع الكتب السماوية في بيان مجملاتها وإيضاح مشكلاتها، فهو الحقيق بالاتباع والتفصيل بتبيين الفصل بين المعاني الملتبسة حتى تظهر كل معنى على حقه، ونظيره التقسيم، ونقضيه التخلط والتلبيس، وبيان تفصيله انه أتى من العلوم العلمية الاعتقادية من معرفة الذات والصفات بأقسامها، والعلمية التكليفية المتعقة بالظاهر وهي علم الفقه وعلم الباطن ورياضة النفوس بما لا مزيد عليه و لا يدانيه فيه كتاب، وعلم الأخلاق كثير في القرآن مثل
٧٧ ( ) خذ العفو ( ) ٧
[ الأعراف : ١٩٩ ]
٧٧ ( ) إن الله يأمر بالعدل ( ) ٧
[ النحل : ٩٠ ] وأمثالهما.
ولما كان - مع الشهادة بالصدق بتصديق ما ثبت حقيقة - معجزاً بالجمع والتفصيل لجميع العلوم الشريفة : عقليها ونقليها إعجازاً لم يثبت لغيره، ثبت أنه مناقض للافتراء حال كونه ) لا ريب فيه ( وأنه ) من رب العالمين ( اي موجدهم ومدبر


الصفحة التالية
Icon