صفحة رقم ٤٧٨
ولما كان فاعل ذلك جديراًبأن يرجع عما سلكه من الوعورة، عجب منه في تماديه فقال - عاطفاً على ما تقديره : واستمر يتمادى في ذلك - :( حتى ( ولما كانت رؤية انفراج البحر عن مواضع سيرهم مظنة تحقق رجوع الماء إلى مواضعه فيغرق، عبر بأداة التحقق فقال :( إذا أدركه ( اي قهره وأحاط به ) الغرق ( اي الموت بالماء كما سأل موسى في أنه لا يؤمن حتى يرى العذاب الأليم ) قال آمنت ) أي أوقعت إيمان الداعي لي من التكذيب ؛ ثم علل إيمانه بقوله مبدلاً من ) آمنت ( في قراءة حمزة والكسائي بالكسر مؤكداً من شدة الجزع :( أنه ( وعلى تقدير الباء تعليلاً في قراءة الجماعة اي نعترفاً بأنه ) لا إله إلا الذي ( ويجوز أن يكون أوقع ) آمنت ( على ) أنه ( وما بعدها - أي ) آمنت ( نفي الإلهية عن كل شيء غير من اشتثنيه من أن أعبره أو أرجع عنه.
ولماكان قد تحقق الهالك وعلم أنهلا نجاة إلا بالصدق، اراد الإعلام بغاية صدقه فقال :( آمنت ) أي أوقعت التصديق معترفة ) به بنو إسراءيل ( فعينه تعييناً أزال الاحتمال ؛ ثم قال :( وأنا من المسلمين ( فكرر قبول ما كان دعي إليه فأباه استكباراً، وعبر بما دل على ادعاء الرسوخ فيه بياناً لأنه ذل ذلاً لم يبق معه شيء من ذلك الكبر ولم ينفعه ذلك لفوات شرطه، فاتصل ذله ذلك بذل الخزي في البرزخ وما بعده، وقد كانت المرة الواحدة كافيه له عند وجود الشرط، وزاده تعالى ذلاً بالإيئاس من الفلاح بقوله على لسان الحال أو جبريل عليه السلام أو ملك الموت أو غيره من الجنود عليهم السلام :( آلئن ) أي أتجيب إلى ما دعيت إليه في هذا الحين الذي لا ينفع فيه الإجابة لفوات الإيمان بالغيب الذي لا يصح أن يقع اسم الإيمان إلا عليه ) وقد ) أي والحال أنك قد ) عصيت ) أي بالكفر ) قبل ( اي في جميع زمان الدعوة الذي قبل هذا الوقت، ومعصية الملك توجب الأخذ والغضب كيف كانت، فكيف ومهي بالكفر ) وكنت ) أي كوناً جباياً ) من المفسدين ( اي العريقين في الفساد والإفساد ؛ ثم أكده - بدل شماتة الأعداء به الذين كانوا عنده اقل شيء وأحقره - بقوله مسبباً عما تضمنه ذلك الإنكار من الإذلال بالإهلاك إشارة إلى أن الماء أحاط به وصار يرتفع قليلاً قليلاً حتى امتد زمن التوبيخ :( فاليوم ننجيك ) أي تنجية عظيمة.
ولما كان ذلك ساراً وكانت المساءة بما يفهم السرور إنكاء، قال دالاً على أن ذلك يعد نزع روحه :( ببدنك ) أي من غير روح وهو كامل لم ينقص منه شيء حتى لا يدخل في معرفتك لبس ) لتكون ( اي كوناً هو في غاية الثبات ) لمن خلقك ( اي يتأخر عنك في الحياة من بني إسرائيل وغيرهم ) آية ( في أنك عبد ضعيف حقير، لست برب فضلاً عن ان


الصفحة التالية
Icon