صفحة رقم ٥٠١
والإعلام بالجريان علىحكم السوابق ووجوب التفويض والتسليم - ما لم تشمل على مثله سورة لتكرر هذه الأغراض فيها، وسبب تكرر ذلك فيها - والله أعلم - أنها أعقبت بها السبع الطوال، وقد مر التنبيه على أن سورة الأنعام بها وقع استيفاْ بيان حال المتنكبين عن الصراط المستقيم على اختلاط أحوالهم، ثم استوفت سورة الأنعام ما وقعت الإحالة عليه من احوال الأمم السالفة كما تقدم وبسطت ما أجمل من أمرهم، ثم اتبع ذلك بخطاب المستحبين لرسول الله ( ﷺ ) وحذروا وأنذروا، وكشف عن حال من تلبس بهم من عدوهم من المنافيقين، وتم المقصود من هذا في سورتي الأنفال وبراءة، ثم عاد الخطاب إلى طريقة الدعاء غلى الله ولتحذير من عذابه بعد بسط ما تقدمن فكان مظنة تأكيد التخويف والترهيب لإتيان ذلك بعد بسط حال وإيضاح أدلة، فلهذا كانت سورة يونس مضمنة من هذت ما لم يضمن غيرها، ألا ترى افتتاحها بقوله :
٧٧ ( ) إن ربكم الله ( ) ٧
[ يونس : ٣ ].
ومناسبة هذا الافتتاح دعاء الخلق إلى الله في سورة البقرة بقوله تعالى :
٧٧ ( ) يا أيها الناس اعبدوا ربكم ( ) ٧
[ البقرة : ٢١ ] ثم قد نبهوا هنا كما نبهوا هناك فقال تعالى :
٧٧ ( ) أم يقولون افتراه قل فأتوا بسورة مثله ( ) ٧
[ يونس : ٣٨ ] ثم تاكدت المراعظ والزواجر والإشارات إلى أحوال المكذبين والمعاندين، فمن التنبيه
٧٧ ( ) إن ربكم الله ( ) ٧
[ يونس : ٣ ]،
٧٧ ( ) هو الذي جعل الشمس ( ) ٧
[ سورة يونس، آية : ٥ ]،
٧٧ ( ) إن في اختلاف الليل والنهار ( ) ٧
[ سورة يونس، آية : ٦ ]،
٧٧ ( ) قل هل من شركائكم من يبدؤا الخلق ثم يعيده ( ) ٧
[ يونس : ٣٤ ]،
٧٧ ( ) قل هل من شركائكم من يهدي إلى الحق ( ) ٧
[ سورة يونس، آية : ٣٥ ]،
٧٧ ( ) قل انظروا ماذا في السماوات والأرض ( ) ٧
[ سورة يونس، آية : ١٠١ ] - إلى غير هذا، وعلى هذا السنن تكررت العظات والأغراض المشار إليها في هذه السورة إلى قوله :
٧٧ ( ) ياأيها الناس قد جاءكم الحق من ربكم ( ) ٧
[ سورة يونس، آية : ١٠٨ ] فحصل مما تقدم تفصيل أحوال السالكين والمتنكبين، فلما تقررب هذا كله أتبع المجموع بقوله :( كتاب أحكمت آياته ثم فصلت من لدن حكيم خبير ( وتأمل مناسبة الإتيان بهذين الاسمين الكريمين وهما ) الحكيم الخبير ( ثم تأمل تلاؤم صدر السورة بقوله :
٧٧ ( ) يا أيها الناس قد جاءكم الحق من ربكم ( ) ٧
[ سورة يونس، آية : ١٠٨ ] وقد كان تقدم قوله تعالى :
٧٧ ( ) قد جاءتكم موعظة من ربكم ( ) ٧
[ يونس : ٥٧ ] فأتبع قوله :( قد جاءكم الحق من ربكم ( بقوله في صدر سورة هود
٧٧ ( ) كتاب أحكمت آياته ثم فصلت ( ) ٧
[ هود : ٤١ ] فكأنه في معرض بيان الحق والموعظة، وإذا كانت محكمة مفصلة فحق لها أن تكون شفاء لما في الصدور وهدى ورحمة للمؤمنين، وحق توبيخهم في قوله تعالى :
٧٧ ( ) بل


الصفحة التالية
Icon