صفحة رقم ٥٠٥
التكروري الكتبي أنه شاهد غير مرة في دواخل حجارة تقطع من جبل مصر الدود عنده ما يأكل من الحشيش الأخضر وما يشرب من الماء ؛ ونبه بقوله :( ويعلم مستقرها ) أي مكانها الذي تستقر فيه ) ومستودعها ) أي موضعها الذي تودع فيه قبل الاستقرار من صلب أو رحم أو بيضة أو بعده من قبر أو فلاة أو غير ذلك على ما يحيط به علمه من تفاصيلالسكانات والحركات ما كان منها وما يكون من كل ذلك مما يحير الفكر ويدهش الألباب، ثم جعل فاصلة الآية ما هو في غاية العظمة عند الحق وهو ) كل ) أي من ذلك ) في كتاب مبين ( فغنه ليس كل ما يعلمه العبد يقدر على كتابته ولا كل ما يكتبه يكون مبيناً بحيث إنه كلما أراد الكشف منه وجد ما يريده، وإذا وجده كانمفهماً له ؛ والدابة : الحي الذي من شانه الدبيب ؛ والمستقر : الموضع الذي يقر فيه الشيء، وهو قراره ومكانه الذي يأوي إليه ؛ والمستودع : المعنى المجعول في قرارة كالولد الذي يكون في البطن والنطفة التي في الظهر، وقد جعل سبحانه في كتابه ما ذكر حكماً منها ما للملائكة فيه من العبرة عند المقابلة بما يكون من الأمور المكتوبة قبل وجودها.
هود :( ٧ - ٨ ) وهو الذي خلق.....
) وَهُوَ الَّذِي خَلَق السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَآءِ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً وَلَئِن قُلْتَ إِنَّكُمْ مَّبْعُوثُونَ مِن بَعْدِ الْمَوْتِ لَيَقُولَنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ إِنْ هَذَآ إِلاَّ سِحْرٌ مُّبِينٌ وَلَئِنْ أَخَّرْنَا عَنْهُمُ الْعَذَابَ إِلَى أُمَّةٍ مَّعْدُودَةٍ لَّيَقُولُنَّ مَا يَحْبِسُهُ أَلاَ يَوْمَ يَأْتِيهِمْ لَيْسَ مَصْرُوفاً عَنْهُمْ وَحَاقَ بِهِم مَّا كَانُواْ بِهِ يَسْتَهْزِؤونَ ( ( )
ولما كان خلق ما منه الرزق أعظم من خلق الرزق وتوزيعه في شمول العلم والقدرة معاً، تلاه بقوله :( وهو ) أي وحده ) الذي خلق ) أي أوجد وقدر ) السماوات والأرض ( وحده لم يشركه في ذلك أحد كما أنتم معترفون ) في ستة ايام ( ولما كان خلق العرش اعظم من ذلك كله فإن جميع السماوات والأرض بالنسبة إليه كحلقة ملقاة في فلاة.
وأعظم من ذلك أن يكون محمولاً على الماء الذي لا يمكن حمله في العادة إلا في وعاء ضابط محكم، تلاه بقوله :( وكان ( اي قبل خلقه لذلك ) عرشه ( مستعلياً ) على الماء ( ولا يلزم من ذلك الملاصقة كما ان السماء على الأرض من غير ملاصقة.
وقد علم من هذا السياق انه كان قبل الأرض خلق فثبت ان وما تحته محمولان بمحض القدرة من غير سبب آخر قريب أو بعيد، فثبت بذلك أن قدرته في درجات من العظمة لا تتناهى، وهذا زيادة تفصيل لما ذكر في سورة يونس عليه السلام من أمر العرش لأن هذه السورة التفضيل ونبه بقوله تعالى معلقاً ب ( خلق ) :( ليبلوكم ( اي أنه خلق ذلك كله لكم سكناً كاملاً بمهده وسقفه من أكله وشربه وكل ما تحتاجونه فيه وما يصلحكم وما يفسدكم ومكنكم من جميع ذلك والحكمة في خلق ذلك أنه يعاملكم معاملة المختبر،