صفحة رقم ٥١٢
له، ويجوز أن يكون ضمير ) يستجيبوا ( ل ( من ) ) استطعتم ( و ) لكم ( للمشركين، وكذا في قوله : فاعلموا و ) أنتم ( ) وأن ) أي واعلموا أن ) لا غله إلا هو ( فإنه لو كان معه إله آخر لكافأة في الإتيان بمثل كلامه وفيه تهديد وإقناط من أن يجيرهم من باس الله آلهتهم.
ولما كان هذا دليلاً قطعياً على ثبوت القرآن، سبب عنه قوله مرغباً مرهباً :( فهل أنتم مسلمون ) أي منقادون أتم انقياد.
ولما كان في هذا من الحث على الثبات على الإسلام والدخول فيه والوعيد على التقاعس عنه ما من حق السامع أن يبادر إليه، وكان حق المسلم الإعراض عن الدنيا لسوء عاقبتها، وكان أعظم الموانع للمشركين من التصديق اسستيلاء أحوال الدنيا عليهم، ولذلك تعنتوا بالكنز، أشار غلى عواقب ذلك بقوله :( من كان يريد ) أي بقصده وأعماله من الإحسان إلى الناس وغيره ) الحياة الدنيا ) أي ورضي بها مع دناءتها من الآخرة على علوها وشرفها ) وزينتها ( فأخلد إليه ا لحضورها ونسي ما يوجب الإعراض عنها من فنائها وكدرها ) نوف ( موصلين ) إليهم أعملهم ) أي جزاءها ) فيها ) أي الدنيا بالجاه والمال ونحو ذلك ) وهم فيها ) أي في الأعمال أو الدنيا ) لا يبخسون ) أي لا ينقص شيء من جزائهم فيها، واما ابدانهم وأرواحهم وأديانهم فكلها بخس في الدارين معاً، وفي الجملتين بيان سبب حبس العذاب عنهم في مدة إمهالهم مع سوء أعمالهم.
هود :( ١٦ - ١٩ ) أولئك الذين ليس.....
) أُوْلَئِكَ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِي الآخِرَةِ إِلاَّ النَّارُ وَحَبِطَ مَا صَنَعُواْ فِيهَا وَبَاطِلٌ مَّا كَانُواْ يَعْمَلُونَ أَفَمَن كَانَ عَلَى بَيِّنَةٍ مِّن رَّبِّهِ وَيَتْلُوهُ شَاهِدٌ مِّنْهُ وَمِن قَبْلِهِ كِتَابُ مُوسَى إَمَاماً وَرَحْمَةً أُوْلَئِكَ يُؤْمِنُونَ بِهِ وَمَن يَكْفُرْ بِهِ مِنَ الأَحْزَابِ فَالنَّارُ مَوْعِدُهُ فَلاَ تَكُ فِي مِرْيَةٍ مِّنْهُ إِنَّهُ الْحَقُّ مِن رَّبِّكَ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يُؤْمِنُونَ وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِباً أُوْلَئِكَ يُعْرَضُونَ عَلَى رَبِّهِمْ وَيَقُولُ الأَشْهَادُ هَؤُلاءِ الَّذِينَ كَذَبُواْ عَلَى رَبِّهِمْ أَلاَ لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ الَّذِينَ يَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ وَيَبْغُونَهَا عِوَجاً وَهُمْ بِالآخِرَةِ هُمْ كَافِرُونَ ( ( )
ولما بين حالهم في الدنيا، بين حالهم في الأخرى مشيراً بأداة البعد إلى أنهم أهل البعد واللعنة والطرد في قوله تنيجة لما قبله :( أولئك ) أي البعداء البغضاء ) الذين ليس لهم ) أي شيء من الأشياء ) في الآخرة إلا النار ( اي لسوء أعمالهم واستيفائهم جزاءها في الدنيا ) وحبط ) أي بطل وفسد ) ما صنعوا فيها ) أي مصنوعهم أو صنعهم أي لبنائه على غير اساس ؛ ولما كان التقييد الحبوط بالآخرة ربما أوهم أنه شيء في نفسه قال :( وباطل ) أي ثابت البطلان في كل من الدارين ) ما كانوا يعملون ) أي معمولهم أو عملهم وإن دأبوا فيه دأب من هو مطبوع عليه لأنه صورة لا معنى لها لبنائه


الصفحة التالية
Icon