صفحة رقم ٥٣٩
اليبس.
وبقي نوح ومن معه في الفلك، واشتدت المياه على الأرض مائة وخمسين يوماً ؛ وإن الله ذكر نوحاً وكل السباع والدواب وجميع الطيور التي معه في التابوت.
فأهاج الله ريحاً على وجه الأرض فسكنت المياه والأمطار.
واشتدت ينابيع الغمر وميازيب وغاضت المياه بعد مائة وخمسين يوماً، وسكن التابوت ووقف في الشهر السابع لثلاث عشرة ليلة بقيت من الشهر على جبال قودي وجعلت المياه تنصرف وتنتقص إلى الشهر العاشر، وظهرت رؤوس الجبال في أول يوم اشهر العاشر، فلما كان بعد ذلك بأربعين يوماً فتح نوح الكوة التي عملها في التابوت فارسل الغراب، فخرج الغراب من عنده فلم يعد غليه حتى يبست المياه عن وجه الأرض، ثم ارسل الحمامة من بعده ليرى هل قلت المياه عن وجه الأرض فلم تجد الحمامة موضعاً لموطىء رجليها فرجعت إلى التابوت لأن المياه كانت بعد على وجه الأرض، فمد يده فأخذها وأدخلها إليه وانتظر سبعة أيام أخرى، ثم عاد فأرسل الحمامة فعادت عند المساء وفي منقارها ورقة زيتون، فعلم أن الماء قد غاض عن وجه الأرض فصبر أيضاً سبعة ايام أخر، ثم أرسل الحمامة فلم تعد إليه أيضاً، ففتح نوح باب الفلك فرأى فإذا وجه الأرض قد ظهر وجفت الرض.
فكلم الرب الإله نوحاً وقال له : اخرج من التابوت أنت وامرأتك وبنوك ونساء بنيك معك وكل السباع التي معك منكل ذي لحم والطيور والدواب، وأخرج كل الهوام التي تدب على الأرض معك، ولتتولد وتنمو في ألأرض وتكثر وتزداد على الأرض.
فخرج نوح ومن ذكر وبنى للرب مذبحاً وأخذ من جميع الدواب والطيور الزكية فأصعد منها على المذبح قرباناً للرب الإله، فقال الرب الإله : لا أعود ألعن الأرض أبداً من أجل أمال الناس لأن هوى قلب الإنسان وحقده رديء منذ صباه ولا أعود ايضاً ابيد كل حي كما فعلت، ومن الآن جميع ايام الأرض يكون فيها الزرع والحصاد والبرد والحر والقيظ والشتاء، فبارك الله على نوح وبنيه وقال لهم : انموا واكثروا واملؤوا الأرض، وليغش رعبكم وخوفكم جميع السباع وبهائم الأرض وكل طيور السماء وكل دابة تدب على الأرض، وجميع حيتان البحور تكونن تحت أيديكم، وكل الدواب الطاهرة الحية تكون لأكلكم، وقد جعلت الأشياء كلها حلالاً لكم مثل عشب البرية خضرها، وأما المخنوق الذي دمه فيه فلا تأكلوه فإن دمع نفسه، وأما دماؤكم من أنفسكم فأطلها بالنهي من يد جميع الحيوان ومن يد جميع الناس، أي إنسان قتل أخاه طالبته بدمه، ومن سفك دم الإنسان سفك دمه لأن الل خلق آدم بصورته، وأنتم فانموا واكثروا وولدوا في الأرض وأكثروا فيها ؛ وقال الله لنوح ولبنيه معه : هأنذا مثبت عهدي بينس وبينكم ومع أنسالكم من بعدهم ومع كل نفس حية منكم،