صفحة رقم ٥٤٨
وذكر شرط المغفرة بقوله مشيراً بأدا البعد إلى عظيم المنزلة :( ثم توبوا ) أي ارجعوا بجميع قلوبكم ) إليه ( ثم علل ذلك بلطفه وعطفه ترغيباً في الإقبال إليه فقال مؤكداً لأن من يرى إمهاله للعصاة يظن الظنون ومن عصاه كان عمله عمل من ينكر قربه وإجابته :( إن ربي ( الذي أخلصت له العبادة لإحسانه إليّ وأدعوكم إلى الإخلاص له لإحسانه إليكم ) قريب ( من كل من أقبل إليه من غير حاجة إلى معاناة مشي ولا حركة جاحة ) مجيب ( لكل من ناداه لا كمعبوداتكم في الأمرين معاً.
ولما دعاهم " لى الحق ونصب لهم عليه من الأدلة ما هم به معترفون وذكرهم نعمه مؤمئاً إلى التحذير من نقمه، وسهل لهم طريق الوصول إليه، ما كان جوابهم إلا ان سلخوه من طور البشرية لمحض التقليد، فلذلك استأنف الإخبار عن جوابهم بقوله :( قالوا ( اي ثمود ) يا صالح ( نادوه باسمه قلة أدب منهم وجفاء ) قد كنت فينا ) أي فيما بينا إذا تذاكرنا أمرك ) مرجواً ) أي في حيز من يصح أن يرجى أن يكون فيه خير وسؤدد ورشد وصلاح، واستغرقوا الزمان فحذفوا الجار وقالوا :( قبل هذا ) أي الذي دعوتنا إليه فأما بعد هذا فانسلخت من هذا العداد ؛ ثم بينوا ما أوجب سقوطه عندهم بقولهم منكرين إنكار محترق ) أتنهانا ) أي مطلق نهي ) أن نعبد ) أي دائماً ) ما يعبد أباؤنا ( وعبروا بصيغة المضارع تصويراً للحال كأن آباءهم موجودون فلا تمكن مخالفتهم إجلالً لهم، فأجلووا من يرونه سباً قرياً في وجودهم ولم يهابوا من أوجدهم وآباءهم أولاً من الأرض وثانياً من النطف، ثم خولهم فيما هم فيه، ثم فزعوا - في أصل الدين بعد ذكر الحامل لهم على الكفر المانع لهم من تركه - إلى البهت بأن ما يوجب القطع لكل عاقل من آيته الباهرة لم يؤثر عندهم إلا ما هو دون الظن في ترك إجابته، فقالوا مؤكدين لأن شكهم حقيق بأن ينكر لأنه في امر واضح جداً لا يحتمل الشك أصلاً :( وإننا لفي شك ( وزادوا التأكيد بالنون واللام وبالإشارة بالظرف إلى إحاطة الشك بهم ) مما ( ولما كان الداعي واحداً وهو صالح عليه السلام لم يلحق بالفعل غير نون واحدة هي ضميرهم بخلاف ما في سورة إبراهيم عليه السلام فلذلك قالوا :( تدعونا إليه ( من عبادة الله وحده ) مريب ) أي موقع في الريبة وهو قلق النفس وانتفاء الطمأنينة باليقين ؛ والرجاء : تعلق النفس لمجيء الخير على جهة الظن، ونظيره الأمل والطمع ؛ والنهي : المنع من الفعل بصيغة لا تفعل.
هود :( ٦٣ - ٦٨ ) قال يا قوم.....
) قَالَ يقَوْمِ أَرَأَيْتُمْ إِن كُنتُ عَلَى بَيِّنَةً مِّن رَّبِّي وَآتَانِي مِنْهُ رَحْمَةً فَمَن يَنصُرُنِي مِنَ اللَّهِ إِنْ عَصَيْتُهُ فَمَا تَزِيدُونَنِي غَيْرَ تَخْسِيرٍ وَيقَوْمِ هَذِهِ نَاقَةُ اللَّهِ لَكُمْ آيَةً فَذَرُوهَا تَأْكُلْ فِي أَرْضِ اللَّهِ وَلاَ تَمَسُّوهَا بِسُوءٍ فَيَأْخُذَكُمْ عَذَابٌ قَرِيبٌ فَعَقَرُوهَا فَقَالَ


الصفحة التالية
Icon