صفحة رقم ٥٦١
فعل من يستبعد الصبح، فأنكروا ذلك بقولهم :( أليس الصبح بقريب ) أي فأسرع الخروج بمن أمرت بهم ؛ والإسراء : سير الليل كالسرى.
ولما انقضى تسكين لوط عليه السلام والتقدم إليه فيما يفعل، أخبر تعالى عن حال قومه فقال :( فلما جاء أمرنا ( بالفاء لما مضى في قصة صالح عليه السلام من التسبيب والتعقيب، أي فلما خرج منها لوط بأهله جاءنا أمرنا، ولما جاء أمرنا الذي هو عذابنا والأمر به ) جعلنا ( بما لنا من العظمة ) عاليها ) أي عالي مدنهم وهم فيها ) سافلها وأمطرنا عليها ) أي على مدنهم بعد قلبها من أجلهم وسيأتي في سورة الحجر سر الإتيان هنا بضمير ( ها ) دون ضمير ( هم ) ) حجارة من سجيل ) أي مرسلة من مكان هو في غاية العلو ) منضود ( بالحجارة هي فيه متراكبة بعضها على بعض حال كونها ) مسومة ) أي معلمة بعلامات تدل على أنها معدة للعذاب من السيما والسومة وهي العلامة تجعل للإبل الشائمة لتتميز إذا اختلطت في المرعى، وفي الذريات
٧٧ ( ) حجارة من طين ( ) ٧
[ الذاريات : ٣٣ ] وذلك أن الحجارة اصلها تراب يجعل الله فيه بواسطة الماء قابلية للاستحجار كما جعل فيه قابلية التحول إلى المعدن من الذهب والفضة والحديد وغيرها، فباعتبار أصله هو طين، وباعتبار أوله حجر وكبريت ونار، ولعل حجر الكبريت أثقل الحجارة مع ما فيه من قوة النار وقبح الريح ؛ ثم فخمها بقوله :( عند ربك ( وعبر بالرب إشارة إلى كثرة إحسانه وإليه وا، ه إنما أمره ( ﷺ ) بالإنذار وحمة لأمته التي جعلها خير الأمم وسيجعلها أكثر الأمم، ولا يهلكها كما أهلكهم ؛ ومادة سجل - بأي ترتيب كان - تدور على العو، من الجلس للغيظ من الأرض والجمل الوثيق، ويلزم العلوالتصويب ومن جلس - إذا قعد ؛ والسجل للدلو العظيمة، ويكون غالباً في مقابلتها أخرى، كلما نزلت واحدة طلعت الأخرى، فتاتي المساجلة بمعنى المبادرة والمفاخرة، والسجل : الضرع العظيم، والسجل - بالكسر وشد اللام : الكتاب لنه يذكر فيه ما يكون به المفاخرة والمغالبة ؛ وسلج الطعام : بلعه، والسلجان : نبات رخو، كأنه سمي بذلك لأن أغصانه تأخذ إلى أسفل لرخاوتها، وقد دل على هذا المعنى في هذه الآية بثلاثة أشياء : الإمطار، وافظ ( على )، وسجيل.
ولما كان المعنى أنها من مكان هو في غاية العلو ليعظم وقعها، حسن كل الحسن اتباع ذلك قوله :( وما هي ( على شدة بعد مكانها ) من الظالمين ) أي من أحد من العريقين في الظلم في ذلك الزمان ولا هذا ولا زمن من الأزمان ) ببعيد ( لئلا يتوهم الاحتياج في وصولها إلى المرمى بها إلى زمن طويل.


الصفحة التالية
Icon