صفحة رقم ٥٧
ثم استنأنف غلإخبار عن قوله - كما مضى في هود عليه السلام فقال :( قال ياقوم ( مستعطفاً لهم بالتذكير بالقرابة وعاطف النسابة ) اعبدوا الله ) أي الذي لا كمال إلا له ) ما لكم ( وأكد النفي بقوله :( من إله غيره ( ولما دل على صدقه في ذلك أنهم دعوا أوثانهم فلم تجيبهم، ودع هو ( ﷺ ) ربه سبحانه فأخرج لهم الناقة، علل صحة ما دعا إليه بقوله :( قد جاءتكم بيينة ) أي ظاهرة جداً على صدقي في ادعاء رسالتي وصحة ما امرتكم به، وازدهم رغبة بقوله :( من ربكم ( اي الذي لم يزل محسناً إليكم ؛ ثم استأنف بيانها بقوله :( هذه ( إليها بعد تكوينها تحقيقاً لها وتعظيماً لشأنها وشانه في عظيم خلقها وسرعةتكونها لجلة ولما أشار إليها، سماها فقال :( ناقة الله ( شرفها بالإضافة إلى الاسم العظم، ودل على تخصيصها بهم بقوله :( لكم ( فذرها أيمما أنبت الله الذي له كل سيء وهي ناقبة كما ان الأرض كلها مطلقاً أرضه والنبات رزقه، ولذلك أظهر لئلا يختص أكلها بارض دون أخرى.
ولما أمرهم بتركها لذلك، أكد المر بنهيهم عن أذاها فقال :( ولا تمسوها بسوء ( فضلاً عما بعد المس ) فيأخذكم ) أي أخذ قهر بسبب ذلك المس وعقبه ) عذاب أليم ( اي مؤلم ولما أمرهم ونهاهم، ذكر لهم ترغيباً مشيراً إلى ترهيب فقال :( واذكوا ) أي نعمة الله عليكم ) إذ جعلكم خلفاء ) أي فيما أنتم فيه ) من بعد عاد ) أي إهلاكهم ) وبوأكم في الأرض ) أي جعل لكم في جنسها مسامن تبوءون أي ترجعون إليها وقت راحتكم، سهل عليكم من عملها في أي أرض أردنم ما لم يسهله على غيركم، ولهذا فسر المراد بقولم :( تتخذون ) أي بما لكم من الصنائع ) من سهملها قصوراً ) أي أبنية بالطين واللبنوالآجر واسعة عالية حسنة يقصر أمل الآمل ونظر الناظر عليها مما فيها من المرافق والمحاسن ) وتنحتون الجبال ) أي أيّ جبل أرتم تقدرونها ) بيوتاً ( ولما ذكرها بهذه النعم مرغباً، كرر ذلك إشارة وعبارة فقال مسبباً عما ذكرهم به :( فاذكروا ( اي إذعان ورغبة ورهبقة ) الآء ) أي نعم ) الله ( اي الذي له صفات الكمال فلا حاجة به إلى أحد، فإحسانه هو الإحسان في الحقيقة ) ولا تعثوا في


الصفحة التالية
Icon