صفحة رقم ٥٧٣
باهر معجزاته ) موسى بآياتنا ) أي المعجزات التي أظهرها ) وسلطان ) أي أمر قاهر للقبط، والظاهر أنه حكاية موسى عليه السلام منه على ما كان له من السطوة والتحرق عليه ) مبين ( اي بين بنفسه، وهو في قوة بيانه كأنه مبين لغيره ما فيه من الأسرار، والآية تعم الأمارة والدليل القلاطع، و السلطان يخص القاطع، والمبين يخص ما فيه جلاء ) إلى فرعون ( طاغية القبط ) وملئه ) أي أشراف قومه الذين تتبعهم الأذناب، لأن القصد الأكبر رفع أيديهم عن بني إسرائيل.
ولما كان الناصح لنفسه من لا يتبع أحداً فيما يعلم أنه صواب، قال معجباً من الملأ مشيراً إلى سرعة تكذيبهم بالبينات وإتباعهم فيما ضلاله لا يخفى على من له مسكة :( فاتبعوا ( اي فتسبب عن هذا الأمر الباهر أن عصى فرعون وحمل ملؤه أنفسهم على أن تبعوا لإرادتنا ذلك منهم ) أمر فرعون ) أي كل ما يفهمون عنه أنه يهواه ويأمره به وتبعهم السفلة فأطبقوا على المنابذة إلا من شاء الله منهم ) وما ) أي والحال أنه ما ) أمر فرعون برشيد ) أي سديد، مع أن في هذا التعقيب بعد ذكر ثمود من التذكير بآياتي الناقة والعصا إشارة إلى القدرة على البعث المذكو أول السورة الموجب خوفه لكل خير كما أن ذلك أيضاً كان من فوائد تعقيب قصة إبراهيم لقصة صالح عليهما السلام، واقتصر هنا على ذكر فرعون وقومه لأن المقصود من هذه القصص - كما تقدم - التثبيت في المكافحة بإبلاغ الإنذار وإن اشتدت كراهية المبلغين وقل المتبع منهم، وأن لا يترك شيء منه خوف إصرارهم أو إدبارهم ولا رجاء إقبالهم وكثرة مؤمنيهم، وهذه حال آلا فرعون، وأما بنو إسرائيل فإنهم لم يتوقفوا إلا خوفاً من فرعون في أول المر، ثم أطبق كلهم على الإتباع، ثم صاروا بعد ذلك كل قليل يبدلون لا كراهية للإنذار بل لغير ذلك من الأمور وعجائب المقدو كما بين في قصصهم ؛ والملأ : الأشراف الذين تملأ الصدور هيبتهم عند رؤيتهم ؛ والإتباعن طلب، طلب الثاني للتصرف بتصرف الأول في أي جهة أخذ، وقد يكون عن كره بخلاف الطاعة ؛ والأمر : الإيجاب بصيغة ( أفعل ) وهو يتضمن إرادة المأمور به في الجملة، وقد لا يراد امتثال عين المأمورح والرشيد : القائد إلى الخير الهادي إليه ؛ ثم أوضح عدم رشد أمر فرعون بقوله :( يقدم قومه ) أي الذين كان لهم قوة المدافعة ) يوم القيامة ( ويكونون له تبعاً كما كانوا في الدنيا، واشار بإيراد ما حقه المضارع ماضياً إلى تحقق وقوعه تحقق ما وقع ومضى فقال :( فأوردهم النار ( اي كما أوردهم في الدنيا غطاءها وهو البحر.
ولماكان التقدير : فبئس الواردون، عطف عليه بيان الفعل والمفعول فقال :( وبئس الورد المورود ( كما ان البحر إذ وروده اقبح ورد ورده الإنسان، لأن الورد يراد لتسكين العطش وتبريدالأكباد، وهذا يفيد ضد ذاك.