صفحة رقم ٥٧٧
ولما لم يسبقه يوم اجتمع فيه جميع الخلق من الجن والإنس والملائكة وجميع الحيوانات أحياء، وكان ذل مسوغاً لأن تعد شهادة غيره عدماً فقال تعالى :( وذلك ) أي اليوم العظيم ) يوم مشهود ( اي هو نفسه لهم ولغيرهم من جميع الخلق، فيكون تنوينه للتعظيم بدلالة المقام، أو يكون المعنى أنه أهل لأن يشهد، وتتوفر الدواعي على حضوره لما فيه من عجائب الأمور والأهوال العظام والمواقف الصعبة، فلا يكون ثم شغل غلا نظر ما فيه والإحاطة بحوادثه خوف التلاف ورجاء الخلاص ؛ والآية : العلامة العظيمة لما فيها من البيان عن الأمر الكبير ؛ والخوف : انزعاج النفس بتوقع الشر، وضده الأمن وهو سكون النفس بتوقع الخير ؛ والعذاب : استمرار الألم.
هود :( ١٠٤ - ١٠٧ ) وما نؤخره إلا.....
) وَمَا نُؤَخِّرُهُ إِلاَّ لأَجَلٍ مَّعْدُودٍ يَوْمَ يَأْتِ لاَ تَكَلَّمُ نَفْسٌ إِلاَّ بِإِذْنِهِ فَمِنْهُمْ شَقِيٌّ وَسَعِيدٌ فَأَمَّا الَّذِينَ شَقُواْ فَفِي النَّارِ لَهُمْ فِيهَا زَفِيرٌ وَشَهِيقٌ خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ إِلاَّ مَا شَآءَ رَبُّكَ إِنَّ رَبَّكَ فَعَّالٌ لِّمَا يُرِيدُ ( ( )
ولما تقدم قولهم ) ما يحسبه ( كان كأنه قيل في الرد عليهم : نحن قادرون على تعجيله، وهو - كما أشرنا إليه في هذه الآية - عندنا متى شئنا في غاية السهولة :( وما نؤخره ) أي اليوم أو الجزاء مع ما لنا من العظمة والقدرة التامة على إيجاده لشيء من الأشياء ) إلا لأجل ) أي لأجل انتهاء أجل ) معدود ( سبق في ألأزل تقديره ممن لا يبدل القول لديه وكل شيء في حكمه، فهو لا يخشى الفوت ؛ ومادة ( أجل ) بتراكيبها الأربعة : أجل وجأل وجلأ تدور على المدة المضروبة للشيء، فالأجل - محركة : مدة الشيء وغاية الوقت في الموت وحلول الدين من تسمية الجز باسم الكل، والتأجيل : تحديد الأجل، ويلزمه التأخير، ومنه أجل الشيء كفرح - إذا تأخر، والآحلة : الآخرة، واجل الشيء بالفتح : حبسه ومنعه، لأن الأجل حابس يحبس الراعي فيه، وأجل الشر عليهم : حناه وأثاره وهيجه، ولأهله : كسب وجمع واحتال، لأن ذلك كله من لوازم ذي الأجل، أو المعنى أنه أوجد أجل ذلك، وكمقعد ومعظم : مستنفع الماء، لأنه محيط به إحاطة الأجل بالمؤجل، وأجله فيه تأجيلاً : جمعه فتأجل، والمأجل : الحوض يحبس فيه الماء، ، اجلوا ما لهم :: حبسوه في المرعى، والاجل - بالكسر : قطيع من بقر الوحش، تشبيهاً له في اجتماعه من حيث إنه أحصن له بالأجل لأنه - كما قيل - حصن حصين، والاجل - بالكسر ايضاً : وجع في العنق، لأنه من أسباب حلول الأجل، وأجله : داواه منه، وبالضم جمع أجيل للمتأخر وللمجتمع من الطين يجعل حول النخلة، لإحاطته بها إحاطة الأجل وتحصينه لها، وتأجل القوم : تجمعوان لأن التجمع


الصفحة التالية
Icon