صفحة رقم ٥٩٢
قوله :( وقل ( ويجوز أن يكون معطزفاً على قوله ) واصبر ( اي اصبر على ما أمرناك من تبليغ وحينا وامتثاله، وقل ) للذين ( اي لم تؤثر فيهم هذه المرعظة فهم ) لا يؤمنون ) أي لا يتجدد لهم إيمان منذراً لهم ) اعملوا ( متمكنين ) على مكانتكم ) أي طريقتكم التي تتمكنون من العمل عليها.
ولما كان العمل واجباً عليه ( ﷺ ) وعلى كل من تبعه فهم عاملون لا محالة سواء عمل الكفار أو لا، قال مؤكداً لأجل إنكار الكفار أن يدوموا على العمل المخالف لهم مع ما يصل إليهم لأجله من الضر، معرياً له عن فاء السبب لذلك والاستئناف :( إنا ) أي أنا ومن معي ) عالمون ) أي ثابت عملنا لا نحول عنه لأن ما كان لله فهو دائم بدوامه سبحانه، وحذف النون الثانية اكتفاء بمطلق التأكيد لأنه كافٍ في الإعلام بالجزم في النية، وفيه تأدب بالإشارة إلى أن المستقبل أمر لا اطلاع عليه لغير الله فينبغي أن لا يبلغ في التأكيد فيه غيره، وهذا بخلاف ما في سورة فصلت مما هو جارٍ على ألسنة الكفرة ) وانتظروا ) أي ما أنتم منتظرون له من قهرنا ) إنا منتظرون ) أي ما وعدنا الله في أمركم، فإن الله مهلكهم ومنجيك لأنه عالم بغيب حالك وحالهم وقادر عليكم ؛ والانتظار : طلب الإدراك لما يأتي من الأمر الذي يقدر النظر إليه ؛ والتوقع : طلب ما يقدر نه يقع، وهما يكونان في الخير والشر ومع العلم والشك، والترجي لا يكون إلا مع الخير والشك.
هود :( ١١٨ - ١٢٣ ) ولو شاء ربك.....
) وَللَّهِ غَيْبُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَإِلَيْهِ يُرْجَعُ الأَمْرُ كُلُّهُ فَاعْبُدْهُ وَتَوَكَّلْ عَلَيْهِ وَمَا رَبُّكَ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ ( ( )
ولما تضمن هذا التهديد العلم والقدرة، قال عاطفا على ما تقديره : فلله كل ما شوهد من أمرنا وأمركم وأمنر عالم الغيب والشهادة كله ما كان من ابتداء أمورنا ) ولله ) أي المحيط وحده بكل شيءموات والأرض ) أي جميع ما غاب علمه عن العباد فهو تام العلم، ومنه ما ينهى عنه وإن ظن الجهلة أنه خارج عن قدرنه لما أظهر من الزجر عنه ومن كراهيته.
ولما كان السياق هنا لأنه سبحانه خلق ذواتهم ومعانيهم للاختلاف، وكان تهديدهم على المعاصي ربما أوهم أنه بغير إرادته، فكان ربما قال جاهل : أنا برئ من المخالفين لأوليائه كثيرا جدا، وعادة الخلق أن من خالفهم خارج عن أمرهم، كان الجواب على تقدير التسليم لهذا الأمر الظاهر : فله كان الأمر ظاهرا وباطنا ) وإليه ) أي وحده ) يرجع ( بعد أن كان للجاهل أن خرج عنه، والرجوع : ذهاب الشيء


الصفحة التالية
Icon