صفحة رقم ٧٤
جنانه، وظنوا أن ذلك دأب الدهر وفعل الزمان، واستمروا على فسادهم في حال الشدة والرخاء، سبب عنه قوله :( فأخذتهم ) أي بعظمتنا أشد الأخذ وأفضعه في الظاهر والباطن ) بغته ) أي فجأة حتى لا ينفعهم التوبة، وأكد معنى البغت تحقيقاً لأمره بقوله :( وهم لا يشعرون ( فحق من سمع هذا أن يبادر إلى الرجوع عن كل مخالفة فيها خوفاً من الأخذ بغته، ولما بين تعالى ما كان قولهم مسبباً له من الأخذ بغته، بين ما كان يكون ضد قولهم مسبباً له من البركات لو وقع بقوله :( ولو أن أهل القرى ) أي هذه التي قصصنا آخبارها ) آمنوا ) أي بما أتاهم به رسلهم ) لفتحنا عليهم بركات ) أي خيرات ثابته لا يقدر أحد على إزالتها ) من السماء ) أي بالمطر الذي يكون كأفواه القرب وما شبهه ) والأرض ( بالنبت الغليظ وما قاربه، وقراءة ابن عامر بالتشديد يدل على كثرة تلك البركات وأصل البركة الموظبة على الخير ولما كان الكلام بما أفهمته ) لو ( في قوة أنهم يؤمنوا عبر بقوله :( ولكن كذبوا ) أي كان التكذيب ديدنهم وشأنهم، فلذلك لم يصدقوا رسلنا في شيء، ولما كان التكذيب موضع الجلافة والجمود الذي هو سبب لعدم النظر في الدليل، ننن سبب عنه العذاب فقال :( فأخذناهم ) أي بما لنا من العظمة ) بما ) أي بسبب ما ) كانوا يكسبون ( اي بجبلاتهم من الأعمال المناسبة لها.
الأعراف :( ٩٧ - ١٠٠ ) أفأمن أهل القرى.....
) أَفَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرَى أَن يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنَا بَيَاتاً وَهُمْ نَآئِمُونَ أَوَ أَمِنَ أَهْلُ الْقُرَى أَن يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنَا ضُحًى وَهُمْ يَلْعَبُونَ أَفَأَمِنُواْ مَكْرَ اللَّهِ فَلاَ يَأْمَنُ مَكْرَ اللَّهِ إِلاَّ الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ أَوَلَمْ يَهْدِ لِلَّذِينَ يَرِثُونَ الأَرْضَ مِن بَعْدِ أَهْلِهَآ أَن لَّوْ نَشَآءُ أَصَبْنَاهُمْ بِذُنُوبِهِمْ وَنَطْبَعُ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لاَ يَسْمَعُونَ ( ( )
ولما كانوا قد ضلوا ضلالاً بعيداً في غلطهم في جعلهم السراء والضراء سبباً للامن من مكر الله، قال منكراً عليهم أمنهم عاطفاً له على ) كذبوا ( لأنه سبب الغلط وهو سبب الأمن فقال :( أفامن أهل القرى ) أي كذبوا ناسين أفعالنا المرهبة بالمضار والمرغبة بالمسارّفأمنوا ) أن ياتيهم بأسنا ) أي الناشىء عما لنا من العظمة التي لا واحداً يغمر الحواس ينساها إلا خاسر ) بياتاً ) أي ليلاً وهم قد أخذوا الراحة في بيوتهم، ولما كان النوم سيئاً واحداً يغمر الحواس فيقضي الاستقرار، عبر بالاسم الدالّ على الثبات فقال :( وهونائمون ) أي على غاية الغفلة عنه.